ناهيا فأصبحت اليوم منهيا » (١)
ولم تقف محنة الامام وبلاؤه في جيشه على هذا التمرد ، وإنما أخذوا يسعون جاهدين للاطاحة بحكومته فقد اصروا عليه في ترشيح عدوه الخبيث أبي موسى الأشعرى ، وانتخابه للتحكيم ، وعدم الرضا بغيره ممن رشحه الامام كابن عباس ومالك الأشتر وغيرهما من ذوي البصيرة والرأي ، والسبب في ذلك انهم يعلمون بانحراف الاشعرى عن أمير المؤمنين فاذا تولى مهمة التحكيم فانه لابه أن يختار للخلافة غير الامام ، ويذهب الدكتور طه حسين إلى ان اصرارهم لم يأت مصادفة وانما كان عن مؤامرة وتدبير بين طلاب الدنيا من أصحاب على وأصحاب معاوية جميعا (٢) وعلى أي حال فقد أحاطوا بالامام يهتفون :
« إنا رضينا بأبى موسى الاشعرى. »
فزجرهم الامام ونهاهم عن انتخابه قائلا :
« إنكم قد عصيتموني في أول الامر. فلا تعصوني الآن ، إني لا أرى أن أولى أبا موسى!! »
ولم يجد معهم نصح الامام شيئا وانما أخذوا يلحون عليه قائلين :
« لا نرضى إلا به ، فما كان يحذرنا وقعنا فيه »
وأخذ الامام يبين لهم الوجه في كراهيته له قائلا لهم :
« إنه ليس لي بثقة ، قد فارقني وخذل الناس عني ، ثم هرب مني
__________________
(١) نهج البلاغة محمد عبده ج ٢ ص ٢١٢
(٢) علي وبنوه : ص ٩٠