وبذل الامام قصارى جهوده فى تدعيم السلم وعدم ايقاع الحرب والدعوة الى العمل بما في كتاب الله فقد رفع المصحف بيمينه وجعل يطوف به بين أصحابه وفي نفسه بقية امل في الصلح قائلا :
« أيكم يعرض عليهم هذا المصحف وما فيه؟ .. فان قطعت يده أخذه بيده الأخرى ، وإن قطعت أخذه باسنانه ، وهو مقتول .. »
فنهض إليه فتى كوفي ونفسه تفيض حماسا ونبلا فقال له :
« أنا له يا أمير المؤمنين »
فأشاح الامام بوجهه عنه برهة ، وطاف في أصحابه ينتدبهم لمهمته فلم يجبه أحد سوى ذلك الفتى النبيل فدفع له المصحف وقال له :
« اعرض عليهم هذا ، وقل هو بيننا وبينكم ... والله في دمائنا ودمائكم. »
وانطلق الفتى مزهوا لم يختلج في قلبه خوف ولا رعب وهو يلوح بالمصحف أمام عسكر عائشة يدعوهم الى العمل بما فيه ، ويدعوهم الى الأخوة والوئام ، فتنكروا له ، فقد دفعتهم الانانية وكراهية الحق الى الفتك به فقطعوا يمناه ، فأخذ المصحف بيساره وهو يدعوهم الى العمل بكتاب الله فعدوا عليه ثانيا فقطعوا يساره فأخذ المصحف باسنانه وقد اغرق في الدماء ، وهو يدعوهم فى آخر مراحل حياته الى السلم والصلح وحقن الدماء قائلا :
« الله في دمائنا ودمائكم »
فانثالوا عليه وهم مصرون على الغي والعناد فرشقوه بنبالهم فوقع على الارض جثة هامدة وانطلقت أمه ترثيه.
يا رب إن مسلما
أتاهم |
|
يتلو كتاب الله
لا يخشاهم |