ومن ضاق عنه الحق فالجور عنه أضيق .. » (١)
وكان هذا الاجراء الذي اتخذه الامام على وفق العدل الاسلامي الذي حدد صلاحية المسئولين ، ولم يطلق لهم العنان فى التصرف بأموال الامة ، والاستئثار بها ، فليس لهم أن يصطفوا منها لأنفسهم ولا لذراريهم فهذا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد جاءته ابنته الوحيدة التي لا عقب له سواها تطلب منه ان يبغي لها وصيفا يخدمها لأن يديها قد مجلت من الرحى ، فلم يجد صلىاللهعليهوآلهوسلم مجالا لأن يأخذ من بيت المال ما يشتري به وصيفا يعين ابنته فردها ، وعلمها التسبيح الذي ينسب لها ، وقد سار على هذه السيرة وصيه وباب مدينة علمه الامام امير المؤمنين عليهالسلام فقد جاء أخوه عقيل يستميحه البر ، ويطلب منه السعة والرفاهية فاحمى له حديدة كاد ان يحترق من ميسمها ، هذا هو منطق الاسلام الذي جاء لاسعاد الشعوب واصلاحها وانقاذها من البؤس والفقر والحرمان.
مع الدكتور طه حسين
وتناقضت أقوال الدكتور طه حسين تناقضا صريحا في تصوير السياسة المالية التي انتهجها عثمان ، فتارة يسف في قوله فيزعم انه كان محافظا على سيرة عمر فى سياسة المال فلم يخالفه فى ذلك ، ولم يشذ عنه فى جميع أعماله الادارية والحربية ، وفيما كان يأخذ به عامة المسلمين من الامر بالمعروف والنهى عن المنكر ، والتزام السنة الموروثة ، واجتناب التكلف والابتداع (٢) واخرى يستقيم فى قوله فيذهب الى أنه انحرف عن سياسة عمر فى الابقاء على بيت المال ، وفى ألا ينفق منه إلا بمقدار الحاجة الى الانفاق ، وأنه
__________________
(١) نهج البلاغة ١ / ٤٦
(٢) الفتنة الكبرى ١ / ٧٢