فبادر مروان إلى حمل جثمانه فقال له سيد الشهداء :
ـ تحمل اليوم سريره ، وقد كنت بالأمس تجرعه الغيظ؟!!
ـ إني كنت افعل ذلك بمن يوازن حلمه الجبال (١)
لقد كان الامام كجده الرسول في سعة حلمه ، وعظيم أخلاقه ، وصفحه عمن أساء إليه ، وقد روى التأريخ بوادر كثيرة من أخلاقه دلت على أنه في طليعة الأخلاقيين والمساهمين فى بناء الأخلاق والآداب في دنيا العرب والمسلمين.
من كان ندى الكف مبسوط اليدين بالعطاء متمسكا بأهداب السخاء بعيدا عن البخل وضروبه فاعظم به من خير عميم ، كبير الثقة بالله ، عظيم النفس ، شريف الذات ، وقد تحدث رسول الله (ص) عن شرف هذه الظاهرة فقال : « خلقان يحبهما الله وهما : حسن الخلق والسخاء » وقال : « السخاء من الايمان ».
إن السخاء ينم عن طيب القلب ، ويكشف عن الفضائل النفسية ، ويحكى عن رحمة الانسان ورأفته ، ومن الطبيعي انه انما يكون كذلك فيما اذا كان بذله بداعي الخير والمعروف لا بداعي السمعة والمديح والثناء وغير ذلك من الدواعي التي لا تمت إلى الاحسان بصلة ، وقد حدث التأريخ عن أناس كانوا يهبون الألوف للوافدين ، ويبذلون القرى للاضياف ، ولكن سرعان ما انكشف أنه تصنع لا اتصال له بحقيقة الكرم والمعروف ، وذلك كعطاء معاوية بن أبي سفيان وهباته للوافدين عليه فان ذلك لم يكن
__________________
(١) شرح النهج ٤ / ٥.