لا يشك في ايمانهم واخلاصهم ، فوقعت خيرته على المنافقين ، قال الله عز وجل : ( وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا ) الى قوله ( لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ ) بظلمهم. » فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوة واقعا على الافسد دون الاصلح وهو يظن أنه الاصلح علمنا ان الاختيار ليس إلا لمن يعلم ما تخفى الصدور ، وتكن الضمائر .. » (١)
إن الطاقات البشرية قاصرة عن ادراك الاصلح الذي تسعد به الامة فليس اختياره بيد الانسان وإنما هو بيد الله العالم بخفايا الامور ، هذه صورة مجملة عن الامامة وتفصيل الكلام يجده المتتبع مستوفى في كتب الكلام.
قال بعض علماء الاجتماع : إنما تتفاضل الامم في حال البداوة بالقوة البدنية فاذا ارتقت تفاضلت بالعلم ، ثم اذا بلغت من الارتقاء غايته تفاضلت بالاخلاق. فالاخلاق هي غاية ما يصل إليه الانسان في سموه وكماله وتهذيبه
إن الخلق الكامل اذا انطبع في النفس لا يمكن ان تنحرف عن الطريق القويم ، أو تحل الانانية محل الايثار ، او تستولي عليها المغريات والنقائص من اجل ذلك كانت الاخلاق من أهم العناصر التي تبتني عليها الحياة الاجتماعية والفردية ، كما انها من اوثق الاسباب في بقاء الامم وفى دوام حضارتها واصالتها.
إن من أقوى العلل في ظهور الشرائع السماوية ، وبقاء سلطانها الروحي عنايتها بالخلاق واهتمامها بتهذيب النفوس وتربيتها بالنزعات الخيرة ، وقد
__________________
(١) البحار ١٣ / ١٢٧