ولما أذيع الخبر المؤلم بين العراقيين في خلع أبي موسى للامام زادت الفتنة ، وكثر الاختلاف والانشقاق بينهم ، وجعل بعضهم يتبرأ من بعض ويشتم بعضهم بعضا ، ورأى الامام أن خطورة الموقف تقضي بأن يقوم تفر من أهل بيته فيخطب بين الناس ليوقفهم على حقيقة الحال ويبين لهم فساد التحكيم ، فقال للحسن : قم يا بني. فقل في هذين الرجلين عبد الله ابن قيس ، وعمرو بن العاص فقام الحسن فاعتلى أعواد المنبر فقال :
« أيها الناس. قد أكثرتم في هذين الرجلين ، وإنما بعثا ليحكما بالكتاب على الهوى ، فحكما بالهوى على الكتاب ، ومن كان هكذا لم يسم حكما ولكنه محكوم عليه ، وقد أخطأ عبد الله بن قيس إذ جعلها لعبد الله ابن عمر فأخطأ في ثلاث خصال ، واحدة انه خالف ( يعني ابا موسى ) أباه ( يعني عمر ) إذ لم يرضه لها ولا جعله من اهل الشورى واخرى إنه لم يستأمره في نفسه (١) وثالثها : إنه لم يجتمع عليه المهاجرون والأنصار الذين يعقدون الامارة ويحكمون بها على الناس. وأما الحكومة فقد حكم النبي (ص) سعد بن معاذ (٢) في بني قريضة فحكم بما يرضى الله به ،
__________________
(١) وفى رواية ابن قتيبة فى الامامة والسياسة ١ / ١٤٤ إنه لم يستأمر الرجل فى نفسه ولا علم ما عنده من رد او قبول.
(٢) سعيد بن معاذ بن النعمان الانصارى من الاوس اسلم على يد مصعب بن عمير لما ارسله النبي الى المدينة ليعلم المسلمين ، ولما اسلم سعد قال لبني عبد الاشهل : كلام رجالكم ونسائكم على حرام حتى تسلموا فأسلموا وكان من اعظم الناس بركة فى الاسلام ، وقد شهد مع النبي بدرا بغير خلاف ، ولما توجه النبيّ الى بدر جاءه الخبر بتوجه قريش الى حربه