جئتم بأبي موسى ، فقلتم قد رضينا هذا فارض به ، وأيم الله ما أصلحا بما فعلا الشام ، ولا أفسدا العراق ، ولا اماتا حق علي ، ولا أحييا باطل معاوية ، ولا يذهب الحق قلة رأى ، ولا نفخة شيطان ، وانا لعلى اليوم كما كنا أمس عليه » ثم نزل عن المنبر (١) وقد استجاب الناس لندائهم وارتدع الكثيرون منهم عن الغي والتمرد.
ولما فشل أمر التحكيم ورجع الوفد الكوفي وهو يجر رداء الخيبة والفشل أخذ الامام يبذل قصارى جهوده على إخراج الناس لمحاربة القوى الباغية عليه فأجابه الناس الى ذلك ، ولكن الخوارج أخذوا يعيثون في الارض فسادا فقد رحلوا عن الكوفة وعسكروا في النهروان (٢) فاجتاز
__________________
(١) الامامة والسياسة ج ١ ص ١٤٤
(٢) النهروان : كورة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقي حدها الأعلى متصل ببغداد ، وفيها عدة بلدان منها اسكاف والصافية وغيرهما وقد تخرج منها جماعة من اهل العلم والأدب وكانت بها الواقعة بين الامام على والخوارج ، وكان فيها نهر عظيم ، وقد خرب وسبب خرابه اختلاف الملوك وقتال بعضهم بعضا فى ايام السلجوقية إذ ان كل من ملك لا يحفل بتعميره بل كان قصده ان يحوصل ويطير ، وكان أيضا في ممر العساكر ، وهذه الاسباب اوجبت ان يجلوا عنه اهله حتى استولى عليه الخراب ، جاء ذلك في معجم البلدان ج ٨ ص ٣٤٧.