الغربية ، واحد شيوخ ابن أبي الحديد فقد سأله
ـ أكانت فاطمة صادقة ـ في دعواها النحلة ـ؟
ـ نعم
ـ فلم لم يدفع لها أبو بكر فدكا وهي عنده صادقة؟
قال ابن أبي الحديد : فتبسم ، ثم قال : كلاما لطيفا مستحسنا مع ناموسه ، وحرمته وقلة دعابته ، قال : لو اعطاها اليوم فدكا بمجرد دعواها لجاءت إليه غدا ، وادعت لزوجها الخلافة ، وزحزحته عن مقامه ولم يكن يمكن حينئذ الاعتذار بشيء ، لأنه يكون قد سجل على نفسه بأنها صادقة فيما تدعي كائنا ما كان من غير حاجة الى بينة ولا شهود »
نعم لهذه الجهة اجمع القوم على هضمها ، وسلب تراثها ، واستباحوا رد شهادة أمير المؤمنين ، وتركوا عترة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يتقطعون حسرات ، ويتصعدون زفرات قد خيم عليهم الهم والغم واخذهم من الحزن ما يذيب لفائف القلوب ومن الوجل ما تميد به الجبال.
وندم أبو بكر أشد الندم على ما فرط مع بضعة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وأخذ يؤنبه ضميره على ما صدر منه من كبس دارها ، وحمل مشاعل النار لاحراقها فقال :
« وددت أني لم اكشف بيت فاطمة ، ولو انهم اغلقوه على الحرب. » (١)
وجزع جزعا شديدا على ما ارتكبه مع وديعة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فانطلق مع صاحبه عمر الى بيتها ليطيبا خاطرها ويفوزا برضاها ،
__________________
(١) كنز العمال ٣ / ١٣٥ ، الطبري ٤ / ٥٢