مع طاقتين من بقل فأكل منه ، وقال يا مدرك ما أطيب هذا؟
وجيء بعد ذلك بالطعام وكان في منتهى الحسن والجودة فالتفت عليهالسلام الى مدرك وأمره بأن يجمع الغلمان ويقدم لهم الطعام ، فدعاهم مدرك فأكلوا منه ولم يأكل الامام منه شيئا فقال له مدرك : لما ذا لا تأكل منه؟ فقال عليهالسلام : ان ذاك الطعام أحب عندي (١) لأنه طعام الفقراء والمحرومين ، ومما يدل على عظيم زهده أنه زهد في الملك طلبا لمرضاة الله ، وخوفا على دماء المسلمين ، وقد الف فى زهده محمد ابن بابويه القمي (٢) كتابا اسماه زهد الحسن وأجمع المترجمون له انه كان أزهد الناس وأفضلهم بعد جده وأبيه
إن شخصية الامام كانت تملأ العيون وتهيمن على النفوس لأنه قد التقت بها عناصر النبوة والامامة ، وتمثلت فيها هيبة النبيّ ، وقد حدث واصل بن عطاء (٣) قال :
__________________
(١) تاريخ ابن عساكر ٤ / ٢١٢
(٢) محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ، من اعظم علماء الشيعة ، ورئيس المحدثين لم ير فى القميين مثله في حفظه وكثرة علمه ، وهو استاذ الشيخ المفيد ، له من المؤلفات ثلاث مائة مؤلف توفى بالري سنة ٣٨١ ه جاء ذلك في الكنى والالقاب ١ / ٢١٢
(٣) واصل بن عطاء البصري : كان متكلما بليغا متشدقا ، وكان يلثغ بالراء نقل عنه انه هجر الراء وتجنبها فى خطابه وقيل فيه
ويجعل البر قمحا فى تصرفه |
|
وخالف الراء حتى احتال للشعر ـ |