يرجع السهم على فوقه يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يحسنون القول ويسيئون الفعل ، فمن لقيهم فليقاتلهم فمن قتلهم فله أفضل الأجر ، ومن قتلوه فله أفضل الشهادة ، برىء الله منهم تقتلهم أولى الطائفتين بالحق (١) إلى غير ذلك من الاخبار التي رواها الفريقان عن النبي (ص) فى خروجهم من الدين ومروقهم عن الاسلام وهي تعد من معاجزه (ص) ومن آيات نبوته وذلك لما فيها من انباء الغيب التي تحققت بعده وعلى أي حال فقد تكتل هؤلاء المارقون وانحازوا إلى جانب آخر وهم ينادون بفكرتهم ، ويعلنون تمردهم ، ولما نزح الامام من صفين الى الكوفة ، لم يدخلوا معه إليها وانحازوا الى ( حروراء ) (٢) فنسبوا إليها وكان عددهم اثني عشر الفا وقد اذن مؤذنهم ان أمير القتال شبث بن ربعي التميمي وعلى الصلاة عبد الله بن الكواء اليشكري والأمر شورى بعد الفتح ، والبيعة لله عز وجل والامر بالمعروف والنهى عن المنكر
واضطرب الامام من هؤلاء المارقين عن الدين فأرسل إليهم عبد الله ابن عباس وأمره أن لا يخوض معهم في ميدان البحث والخصومة حتى يأتيه ولما اجتمع بهم ابن عباس لم يجد بدا من الدخول معهم في مسرح البحث فقال لهم :
« ما نقمتم من الحكمين؟ وقد قال الله عز وجل : ( إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما ) (٣) فكيف بأمة محمد (ص) ».
__________________
(١) مستدرك الحاكم ٢ / ١٥٤
(٢) حروراء ـ بفتح الحاء والراء وسكون الواو ـ قيل هي قرية بظهر الكوفة ، وقيل موضع على ميلين منها ، معجم البلدان ٣ / ٢٥٦
(٣) سورة النساء : آية ٣٥