ولما انهى أبو بكر خطابه السالف الذي رشح فيه عمر وأبا عبيدة لمنصب الخلافة اسرع إليه عمر فقال له : « يكون هذا وأنت حى؟! ما كان أحد ليؤخرك عن مقامك الذي أقامك فيه رسول الله (ص) ... »
ولا نعلم متى أقامه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في مقامه الذي هو فيه ، وقد أخرجه صلىاللهعليهوآلهوسلم من يثرب مع بقية اصحابه جنودا مسلحين وولى عليهم أسامة بن زيد وهو شاب حدث السن ، بمثل هذا اللف والدوران تمت البيعة لأبي بكر ، وقد تسابق إلى بيعته عمر وبشير ، وتبارى إلى البيعة جميع اعضاء حزبهم فبايعه اسيد بن حضير ، وعويم بن ساعدة ، ومعن بن عدى ، وأبو عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة وخالد بن الوليد ، واشتد هؤلاء على حمل الناس على البيعة ، وكان اشدهم حماسا عمر فقد لعبت درته شوطا في الميدان وارغم الممتنعين على البيعة وقابلهم بالقسوة والعنف ، وقد سمع الانصار يقولون في سعد :
« قتلتم سعدا »
فاندفع يقول :
« اقتلوه ، قتله الله فانه صاحب فتنة » (١)
ولما تمت البيعة لابي بكر بهذه الصورة التي يحف بها الارهاب والتهديد اقبل به حزبه يزفونه الى مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم زفاف العروس (٢) والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ملقى على فراش الموت ، قد
__________________
(١) العقد الفريد ٣ / ٦٢
(٢) شرح النهج لابن ابي الحديد ٢ / ٨