وقد أثارت هذه الاجراءات العادلة سخط الذين استباحوا نهب أموال المسلمين وتمرغوا بالدنيا فقد كتب عمرو بن العاص إلى معاوية رسالة جاء فيها « ما كنت صانعا فاصنع إذ قشرك ابن أبي طالب من كل مال تملكه ، كما تقشر عن العصا لحاها » (١)
وأوجس خيفة كل من طلحة والزبير ومن شابهما ممن أقطعهم عثمان ووهبهم الأموال الطائلة والثراء فخافوا على ما في أيديهم من أن يصدر الحكم بمصادرته فأظهروا بوادر الشقاق والبغي وأعلنوا التمرد على الامام.
ومضى أمير المؤمنين يؤسس معالم العدل في البلاد فأصدر أوامره بعزل ولاة عثمان واحدا بعد واحد لأنهم أظهروا الجور والفساد في الأرض. وقد أبى الامام أن يبقيهم في جهاز الحكم لحظة واحدة لأن في ابقائهم اقرارا للظلم والطغيان ، وقد عزل بالفور معاوية بن أبي سفيان ، وقد نصحه جماعة من المخلصين له أن يبقيه على عمله حتى تستقر الحال فأبى وامتنع من المداهنة في دينه ، وقد دخل عليه زياد بن حنظلة ليعرف رأيه فى معاوية فقال له الامام :
ـ تيسر يا زياد
ـ لأي شيء يا أمير المؤمنين؟
ـ لغزو الشام
ـ الرفق والأناة أمثل
فأجابه الامام :
متى تجمع القلب
الذكي وصارما |
|
وأنفا حميا
تجتنبك المظالم |
__________________
(١) الغدير ٨ / ٢٨٨.