وأخذ الحسن (ع) في تجهيز أبيه فغسل الجسد الطاهر وطيبه بالحنوط ، وأدرجه في اكفانه ، ولما حل الهزيع الأخير من الليل خرج ومعه حفنة من آله وأصحابه يحملون الجثمان المقدس الى مقره الأخير فدفنه في النجف الأشرف حيث مقره الآن كعبة للوافدين ومقرا للمؤمنين والمتقين ومدرسة للمتعلمين ، ورجع الامام الحسن بعد أن وارى أباه الى بيته وقد استولى عليه الاسى والذهول وأحاط به الحزن.
وفي صبيحة ذلك اليوم الخالد فى دنيا الأحزان طلب الامام الحسن احضار المجرم الأثيم عبد الرحمن بن ملجم فلما مثل بين يديه قال له ابن ملجم :
ـ ما الذي أمرك به أبوك؟
ـ أمرني أن لا أقتل غير قاتله ، وأن أشبع بطنك وانعم وطأك ، فان عاش اقتص أو عفا وإن مات ألحقتك به.
فقال الأثيم متبهرا :
« إن كان أبوك ليقول الحق ، ويقضي به في حال الغضب والرضا!! » ثم ان الامام الحسن ضربه بالسيف فاتقى اللعين الضربة بيده فبدرت ثم جهز عليه فقتله ولم يمثل به (١) « وحلت على ابن ملجم لعنة الله ولعنة اللاعنين ومن ولدوا ومن ماتوا ومن قال الله لهم : كونوا فكانوا!! لعنة
__________________
(١) تاريخ اليعقوبى ٢ / ١٩١ ، تاريخ الطبري ٦ / ٨٦ ، مقاتل الطالبيين ص ١٦ ، تأريخ ابن الأثير ٣ / ١٧٠