« لئن سألني الله لاقولن استخلفت عليهم خيرهم فى نفسي ... » (١)
وكون عمر خيرهم في نفسه ليس مبررا له في ترشيحه للخلافة ، فان الاجدر أن يأخذ رأي المسلمين في ذلك ويستشير أهل الحل والعقد منهم عملا بقاعدة ( الشورى ) ولكنه اهمل ذلك ، واستجاب لعواطفه ورغبته الملحة في أن يتولى زمام الحكم من بعده خدنه وزميله ، وعلى أي حال فقد كان عمر الى جانبه يعزز مقالته ورأيه فيه قائلا :
« أيها الناس ، اسمعوا ، واطيعوا قول خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم .. » (٢)
ودعا أبو بكر عثمان بن عفان ، وامره أن يكتب له العهد في عمر وأملاه عليه وهذا نصه :
« هذا ما عهد به أبو بكر بن أبي قحافة ، آخر عهده في الدنيا نازحا عنها. وأول عهده بالآخرة داخلا فيها ، إني استخلفت عليكم عمر ابن الخطاب ، فان تروه عدل فيكم فذلك ظني به ورجائى فيه ، وإن بدل وغير فالخير أردت ، ولا اعلم الغيب ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) (٣)
وتناول عمر الكتاب ، وانطلق يهرول الى الجامع ليقرأه على الناس فقال له رجل :
« ما في الكتاب يا أبا حفص.؟ »
« لا ادري. ولكني أول من سمع وأطاع .. »
فنظر الرجل إليه نظرة ريبه وانبرى قائلا :
__________________
(١) الامامة السياسة ١ / ١٩
(٢) تأريخ الطبرى ٤ / ٥٢
(٣) الامامة والسياسة ١ / ١٩ ، تأريخ الطبرى ، طبقات ابن سعد