تنتضى فيه السيوف ، وتخان فيه العهود ، حتى يكون بعضكم أئمة لأهل الضلال وشيعة لأهل الجهالة .. » (١)
ولم يعوا منطق الامام ، ولم يتأملوا فيه ، وانطلقوا مدفوعين وراء أطماعهم وأهوائهم ، وكشف الزمن بعد حين صدق تنبؤ الامام ، فقد انتضوا السيوف ، وخانوا العهود ليصلوا الى صولجان الحكم والسلطان وصار بعضهم أئمة لأهل الضلالة ، وشيعة لأهل الجهالة
وعلى اي حال ، فقد كثر الجدال فى الموضوع ، وانفضت الجلسة ولم تنته على محصل ، وكان الناس ينتظرون بفارغ الصبر النتيجة الحاسمة التي تسفر عن اجتماعهم ، فلم يظفروا بشيء ، وانعقد الاجتماع مرة أخرى ولكنه لم يسفر عن اي نتيجة وأخذت فترة الزمن التي حددها عمر تضيق فأشرف أبو طلحة الانصارى على الاعضاء وقال لهم :
« لا والذي نفس عمر بيده!. لا أزيدكم على الايام الثلاثة التي أمرتم .. »
واقترب اليوم الثالث ، فانعقد الاجتماع فانبرى طلحة ، ووهب حقه لعثمان وانما فعل ذلك لعلمه بانحرافه عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، فاراد يقوي جانبه ، ويضعف جانب الامام ، وانطلق الزبير فوهب حقه للامام لأنه رأى الامام قد ضعف جانبه ، واندفع سعد فوهب حقه لعبد الرحمن ابن عوف لأنه ابن عمه (٢) أما عبد الرحمن الذي أناط به عمر أمر الشورى وجعل رأيه هو الفيصل فكان يرى في نفسه الضعف وعدم القدرة على ادارة شئون الحكم ، فاتجه الى ترشيح غيره ، وكانت ميوله مع عثمان ،
__________________
(١) نهج البلاغة محمد عبده ٢ / ٣١
(٢) شرح النهج لابن ابي الحديد ١ / ١٨٩