ان عبد الرحمن رجل إيمان وتقوى ـ حسب رأي عمر ـ ومن إيمانه الذي اضفاه عليه الخليفة أنه عدل عن انتخاب العترة الطاهرة ، وسلم قيادة الامة ، ومقدراتها بأيدى الامويين خصوم الاسلام واعداء الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم ان الايمان بذاته ـ كما يقول عمر ـ لا يصلح لترشيح صاحبه للخلافة ما لم تكن له دراية تامة بشئون المجتمع ، وخبرة وافرة بما نحتاج إليه الامة في جميع مجالاتها ، وعبد الرحمن ـ حسب اعتراف عمر ـ رجل كيف لا يليق للخلافة فكيف يرشحه لها ويجعله من أعضاء الشورى البارزين؟! وأقبل على أمير المؤمنين فقال له :
« لله أنت ، لو لا دعابة فيك! أما والله لئن وليتهم لتحملنهم على الحق الواضح ، والمحجة البيضاء .. »
ومتى كانت لأمير المؤمنين عليهالسلام الدعابة والمزاح ، وهو الذي ما الف في حياته لغير الجد في القول والعمل ، وعلى تقدير اتصافه بها ، فهى من خلق الأنبياء ومن خلق الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بالاخص ، فقد ورد أنه كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يداعب الرجل ليسره بذلك.
وهل من الحيطة على الاسلام ، والمحافظة على وحدة الامة ، ورعاية صالحها أن يفتل عمر حبل الشورى ويجعل أمير المؤمنين عليهالسلام أحد أعضائها ، وهو ـ حسب اعترافه ـ لو تولى زمام الحكم لحمل المسلمين على الحق الواضح والمحجة البيضاء ، ولسار بهم سيرا سجحا لا يكلم خشاشه ، ولا يتعتع راكبه ، ولأوردهم منهلا رويا فضفاضا تطفح ضفتاه ، ولا يترنم جانباه ، ولأصدرهم بطانا ، ونصح لهم سرا واعلانا ـ كما تقول بضعة الرسول ووديعته ـ ويقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إن ولوا عليا فهاديا مهديا » (١)
__________________
(١) الاستيعاب ٣ / ٥