أمركم شيء .. » (١)
وما هى البركة التي تحصل لأعضاء الشورى بحضور الامام الحسن ، وعبد الله بن عباس ، وهما لا يملكان من الامر شيئا ، قد جردهما من الادلاء بالرأي ، كما جرد شيوخ الانصار من ذلك ، ولم يسمح لأحد منهم أن يبدي برأيه ، ثم التفت الى أبي طلحة الانصاري (٢) فقال له :
« يا أبا طلحة ، إن الله أعز الاسلام بكم فاختر خمسين رجلا من الانصار ، فالزم هؤلاء النفر بامضاء الامر وتعجيله .. »
والتفت الى المقداد بن الاسود فاوصاه بمثل ذلك ثم قال :
« اذا اتفق خمسة ، وأبى واحد منهم فاضربوا عنقه ، وان اتفق أربعة وأبى اثنان فاضربوا عنقيهما ، وان اتفق ثلاثة منهم على رحل ، ورضي ثلاثة منهم برجل آخر فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف واقتلوا الباقين إن رغبوا عما اجتمع عليه الناس .. »
وخرج الامام أمير المؤمنين المظلوم المهتضم ، وهو ملتاع حزين من الشورى العمرية قد أيس من الامر فالتقى بعمه العباس فبادره قائلا :
« يا عم لقد عدلت عنا .. »
__________________
(١) الامامة والسياسة ١ / ٢٤
(٢) ابو طلحة الانصارى هو زيد بن سهل النجار ، شهد مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بدرا ، ولما آخى صلىاللهعليهوآلهوسلم بين اصحابه آخى بينه وبين ابى عبيدة الجراح ، وكان ابو طلحة من الرماة المعدودين ، ومن الشجعان المشهورين ، قتل يوم حنين عشرين رجلا ، وتزوج بام انس بن مالك ، توفى بالمدينة سنة احدى وثلاثين ، وكان عمره سبعين عاما ، وقد صلى عليه عثمان بن عفان ، اسد الغابة ٥ / ٣٣٤