« يا أيها الناس ، إن هذا أمركم ليس لأحد فيه حق إلا من أمرتم وقد افترقنا بالأمس وكنت كارها لأمركم فأبيتم إلا أن أكون عليكم ألا وانه ليس لي أن آخذ درهما دونكم فان شئتم قعدت لكم والا فلا آخذ على أحد .. »
وتعالى هتاف الجماهير بلهجة واحدة
« نحن على ما رقناك عليه بالأمس .. »
« اللهم اشهد عليهم. »
وتدافع الناس كالموج المتلاطم إلى البيعة ، وتقدم طلحة فبايع بتلك اليد التي سرعان ما نكث بها عهد الله (١) وجاء بعده الزبير فبايع كما بايع رفيقه وبايعه الوفد المصري والوفد العراقي ، وبايعه الجمهور العام ولم يظفر أحد من الخلفاء بمثل هذه البيعة في شمولها ، وعمت المسرة جميع المسلمين وقد وصف الامام مدى سرور الناس ببيعته بقوله :
« وبلغ من سرور الناس ببيعتهم إياي أن ابتهج بها الصغير ، وهدج إليها الكبير ، وتحامل نحوها العليل ، وحسرت إليها الكعاب. »
لقد ابتهج المسلمون ببيعتهم إلى وصي رسول الله وباب مدينة علمه ، وعمت الأفراح جميع أنحاء البلاد فقد أطلت على عالم الوجود حكومة العدل والمساواة ، وتقلد الخلافة امام الحق ، وناصر المظلومين ، وأبو الأيتام الذي واسى الفقراء والمحرومين في سغبهم ومحنهم ، القائل فى دور حكمه.
« أأقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين ولا أشاركهم فى مكاره الدهر أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش .. »
__________________
(١) كانت يد طلحة شلاء فتطير منها الامام ، وقال ما اخلقه ان ينكث فكان كما قال جاء ذلك في العقد الفريد ٣ / ٩٣