ومضى فلم يمكث الا برهة حتى عاوده الشوق الى لقاء احبائه الذين سبقوه الى الايمان فكر راجعا الى الامام فقال له :
« أتأذن لي بالقتال؟ فانى أراه اليوم الذي وصفه رسول الله (ص) وقد اشتقت الى لقاء ربي والى اخواني الذين سبقوني. »
فلم يجد الامام بدا من اجابته فقام إليه وعانقه وقد ذابت نفسه اسى وحسرات وقال له :
« يا أبا اليقظان. جزاك الله عنى وعن نبيك خيرا فنعم الاخ كنت ونعم الصاحب. »
واجهش الامام بالبكاء وبكى عمار لبكائه وقال له :
« والله يا أمير المؤمنين ما تبعتك الا ببصيرة فانى سمعت رسول الله يقول يوم حنين : « يا عمار ستكون بعدي فتنة فاذا كان كذلك فاتبع عليا وحزبه ، فانه مع الحق والحق معه ، وسيقاتل بعدي الناكثين والقاسطين » فجزاك الله يا أمير المؤمنين عن الاسلام أفضل الجزاء فلقد أديت ، وبلغت ونصحت .. »
ثم تقدم عمار الى ساحة الشرف وميدان القتال وهو جذلان مسرور بملاقاة الله وقد استرد قوته ونشاطه ، وارتفع صوته عاليا وهو يقول :
« الجنة تحت ظلال العوالي ، اليوم القى الأحبة محمدا وحزبه .. »
وتبعه المهاجرون والانصار والشباب المؤمن فانعطف بهم الى القائد العام هاشم بن عتبة المرقال (١) فطلب منه أن يتولى القيادة فاجابه إلى
__________________
(١) هاشم بن عتبة بن ابي وقاص الزهري القرشي يكنى ابا عمرو ويعرف بالمرقال اسلم يوم فتح مكة ، كان من ذوي الفضيلة والدين وفي طليعة شجعان العرب فقئت عينه في واقعة اليرموك بالشام ، وهو الفاتح لجلولاء