« والله إن هذه الراية قاتلتها ثلاث عركات وما هذه بأرشدهن. »
وجعل يقاتل أشد القاتل وهو موفور النشاط خفيف الحركة وهو يرتجز ويقول :
نحن ضربناكم على
تنزيله |
|
واليوم نضربكم
على تأويله |
ضربا يزيل الهام
عن مقيله |
|
ويذهل الخليل عن
خليله |
أو يرجع الحق الى سبيله |
لقد قاتل عمار قريشا مع النبي على الاقرار بكلمة التوحيد واليوم يقاتلهم على الايمان بما في القرآن وعلى التصديق بما جاء به الاسلام.
وبعد كفاح رهيب سقط عمار الى الارض صريعا قد قتلته الفئة الباغية (١) التي طبع على قلوبها بالزيغ ، ونسيت ذكر الله فسبحت في ظلام قاتم ، ولما أذيع خبر مقتله انهد ركن الامام ، واحاطت به موجات وموجات من الهموم والأحزان لأنه فقد بمقتله كوكبة من الاعوان والانصار ومشى لمصرعه حزينا باكيا تحف به قواد الجيش وأمراء القبائل والبقية الصالحة من المهاجرين والانصار ، وهم يهرقون الدموع وعلا منهم النحيب والبكاء ، ووقف الامام عليه فلما رأه صريعا متخبطا بدمه انهارت قواه وجعل يؤبنه بكلمات تنم عن قلب موجع قائلا :
« إن امرأ من المسلمين لم يعظم عليه قتل ابن ياسر ، وتدخل عليه المصيبة الموجعة لغير رشيد. رحم الله عمارا يوم اسلم ، ورحم الله عمارا يوم قتل ، ورحم الله عمارا يوم يبعث حيا. لقد رأيت عمارا وما
__________________
(١) قتله ابو العادية وكان يدخل على معاوية فيقول لحاجبه قاتل عمار بالباب فياذن له ، اسد الغابة ٥ / ٢٦٧ واثر عن النبي انه قال : لو ان عمارا قتله اهل الارض لدخلوا النار.