وتصريحهم بالإحلاف هنا أيضا مؤيّد لما اخترناه.
وهل له ردّ الحلف إذا كان غريمه جازما في دعواه يساره أم لا؟
فيه إشكال ينشأ من عمومات الردّ وعدم المانع ، ومن أنّ فائدة الردّ الخروج عن عهدة المدّعى به إذا حلف المدّعي ، فإنّ قوله : « رددت عليك اليمين » متضمّن لـ : أنّه إن حلفت اخرج عن عهدة دعواك ، وهو يثبت هنا بعدم القدرة عليه ، فكيف يردّ؟! بل في شمول عمومات الردّ لمثل المقام تأمّل أيضا.
ولعلّ الأول أظهر ، إذ تظهر الفائدة في نكول المدّعي فتسقط دعواه ، وفي حلفه ، فإنّ إنكاره القدرة لا يثبت انتفاءها واقعا ، فيثبت عليه اليسار بعد حلف المدّعي ، ويعمل معه ما يعمل مع الواجد من الحبس والغلاظ إلى أن يؤدّي أو يموت أو يبرئه المدّعي.
وإن لم يردّ الحلف ـ إمّا لعدم إمكانه ، كما إذا كانت دعوى يساره غير مجزومة ، أو لم يرد الردّ ـ فإن حلف على عدم اليسار حكم له بالإعسار ، وإن نكل ولم يحلف فقال في القواعد وحكي عن التذكرة : إنّه يحلف مدّعي اليسار ، فيحكم بيساره ، ويعمل معه عمل الواجد من الحبس (١).
وقال بعض الفضلاء المعاصرين : إنّه يعمل به عمل الواجد ، فيحبس من غير ذكر حلف المدّعي (٢).
ولعلّه مبنيّ على الخلاف في أنّ مع نكول المنكر هل يثبت حقّ المدّعي ، أو يردّ الحاكم اليمين على المدّعي. ويأتي تحقيقه.
وعلى الأخير ـ وهو أن يعلم له مال وادّعى تلفه ـ فتؤول الدعوى إلى
__________________
(١) القواعد ٢ : ٢٠٩ ، التذكرة ٢ : ٥٨.
(٢) غنائم الأيام : ٦٨٠.