« المستحاضة تنظر أيامها فلا تصلي فيها ولا يقربها بعلها ، فإذا جازت أيامها ورأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر ـ الى ان قال ـ : وان كان الدم لا يثقب الكرسف توضأت ودخلت المسجد وصلّت كل صلاة بوضوء ، وهذه يأتيها بعلها إلا في أيام حيضها » الى غير ذلك من المعتبرة المستفيضة (١) الدالة على تحيضها بها دون غيرها ، مضافا الى ما في أخبار الاستظهار من الترديد الذي ينافي الوجوب ، مع ان اختلافها ذلك الاختلاف الذي لا يرجى جمعه ، واشتمال بعضها على لفظ الاحتياط أقوى شاهد على إرادة الاستحباب ، لا أقل من تعارض الأخبار من الجانبين ، فتبقى أصالة البراءة سالمة عن المعارض في البين ، ويشهد للثالث أن أوامر الاستظهار وارادة في مقام توهم الحظر في ترك الصلاة مثلا التي هي عماد الدين ومن ضروريات شريعة سيد المرسلين (ص) ، فلا تفيد إلا الإباحة ، على انها معارضة بما سمعت من الأوامر بتحيضها أيام العادة ، فينتفي بذلك وبالأصل الوجوب كالاستحباب ، مع انه لا وجه له في ترك العبادة لكون الرجحان من مقوماتها.
ولعل الأقوى في النظر الأول ، فيتحصل حينئذ من المختار هنا وفي المسألة السابقة وجوب الاستظهار للعشرة ، واختاره الفاضل الطباطبائي في منظومته ، كما هو قضية الاستصحاب وأصالة الحيض ، ولكثير مما تقدم من أدلة قاعدة الإمكان من الإجماعات وغيرها ولنفس القاعدة أيضا ، ولما في الموثق والحسن ومرسل يونس التي تقدمت الإشارة إليها ، وغيرها مما دل على حيضية ما قبل العشرة ، وللأمر بالاستظهار من غير تقييد ، إذ المراد به ظهور الحال ، وهو لا يكون إلا بالعشرة ، وما يقال : ان الاستظهار لا ينافي فعل العبادة مثلا في أيامه مدفوع بأنه غير خفي على من لاحظ أخبار الباب وكلام الأصحاب كون المراد بالاستظهار ترك العبادة لظهور الحال لا فعلها.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب الحيض.