انه مقتض للوجوب ما لم يفقد شرط أو يمنع مانع ، ولذا صرح بوجوب الغسل بوطء الميتة في المبسوط والخلاف والوسيلة والجامع والمعتبر والمنتهى والمختلف والذكرى والدروس وجامع المقاصد والروض وغيرها ، بل هو قضية إطلاق الأصحاب وكذا إجماعاتهم ، ومن هنا ادعى عليه الإجماع في الرياض كما عساه يظهر من غيره حيث لم ينقل الخلاف فيه إلا من أبي حنيفة.
ويدل عليه ـ مضافا الى إطلاق النص والفتوى والإجماع المنقول ـ الاستصحاب وغيره من فحوى قوله عليهالسلام : ( أتوجبون عليه الحد ولا توجبون عليه صاعا من ماء ) فلا معنى للمناقشة في الحكم كما وقع من بعض متأخري المتأخرين كشارح الدروس وتبعه صاحب الحدائق ، مع ان في بعض الأخبار إشعارا به ، كالخبر المروي عن عبد الرحمن بن التميم الدوسي (١) في تفسير قوله تعالى (٢) ( وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً ) الى آخره والحديث طويل ، ملخصه « ان نباشا كان ينبش القبور ويسرق الأكفان ثم تاب وقبلت توبته ، ومن جملة ما فعل انه نبش قبرا من قبور بنات الأنصار ، وسلبها أكفانها ، قال : ولم أملك نفسي حتى جامعتها وتركتها مكانها ، فإذا بصوت من ورائي يقول : يا شاب ويل لك من ديان يوم الدين يوم يقفني وإياك كما تركتني عريانة في عساكر الموتى ، ونزعتني من حفرتي ، وسلبتني أكفاني ، وتركتني أقوم جنبة الى حسابي ، فويل لشبابك من النار » الحديث. فان مقتضى صيرورتها جنبة بذلك انه هو أيضا كذلك ، فيجب عليه الغسل حينئذ ، نعم الظاهر كما صرح به غير واحد انه لا يجب الغسل للميت لا على الولي ولا على سائر المكلفين ، لأصالة البراءة وغيرها ، لكن لا يبعد جريان أحكام الجنب الراجعة لغيرها عليها كالمجنونة والطفلة ، فلا يجوز وضعها
__________________
(١) البحار ـ المجلد ـ ٣ ـ الباب ـ ٢٠ ـ من كتاب العدل والمعاد ـ حديث ٢٦ عن عبد الرحمن بن غنم الدوسي.
(٢) سورة آل عمران ـ الآية ١٢٩.