الحيض وقاعدة الإمكان ونحوهما ، ومعارضة الاحتياط في العبادة بمثله ، بل لعل المنقول حينئذ عن ابن زهرة وغيره من جعل الحيض عشرا والطهر كذلك أولى ، وان كان فيه أيضا طرح لما عرفته من الأخبار (١) المعمول بها بين الأصحاب ، ومنافاة لما دل (٢) من الأخبار على ان الحيض في كل شهر مرة التي يشهد لها الوجدان ، على انه لم أعرف لهما مستندا حينئذ بالنسبة إلى تعيين الثلاثة أو العشرة في أول الشهر أو غيره.
وقضية القواعد فيه حينئذ ترك جميع ما كان في تركه الاحتياط في سائر زمان الدم كما في غير الصلاة من دخول المساجد والوطء وقراءة العزائم ونحوها ، وأما الصلاة ونحوها مما تعارض فيه الوجوب والحرمة فيحتمل تغليب جانب الحرمة ، كاحتمال العكس في خصوص الصلاة لشدة أمرها وانها عماد دينكم ، ودعوى احتمال الرجوع الى اختيارها في التعيين لا دليل عليه ، لكون الفرض طرح العمل بالأخبار ، كدعوى احتمال التعيين في أول الحيض لمكان أسبقيته ، وكدعوى احتمال التمسك بما يقتضيه الأصل بالنسبة الى جميع ما مر ، لرجوعه إلى الشبهة الغير المحصورة ، فيجوز دخولها المساجد ونحوه ، وأما بالنسبة للصلاة والصوم فبأصالة براءة ذمتها من حرمة ذلك فيما أرادت تعيينه فإنه كما ترى.
ومن ذلك كله يظهر لك زيادة ضعف ما قالاه ، لما فيه من العسر والحرج في بعض الأحوال ، ومنافاته لسهولة الملة وسماحتها ، مع ان الباري ( عز وجل ) أجل من أن يجعل مثل هذا الحكم العام البلوى مخفيا ، ولم يبينه على لسان صاحب الشريعة ، كضعف المنقول عن الجامع من تحيض كل منهما بسبعة أو ثلاثة عملا بالرواية واليقين ، فإنه لا يكاد يفهم لهذا الجمع وجه يعتد به ، مع استلزامه لطرح ما سمعته من خبري ابن بكير وغيرهما ، ومنه يظهر ضعف ما اختاره في الرياض تبعا لبعض متأخري المتأخرين
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب الحيض.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الحيض.