العصر عن الظهر بأس ، ولا ينافي ذلك ما تقدم منا سابقا من ظهور إرادة الرخصة في أخبار الجمع دون العزيمة ، إذ ذاك بالنسبة إلى اتحاد الغسل وتعدده ، وإلا فلا ريب في ظهورها في إرادة الوجوب الشرطي بمعنى إن أريد فعل الصلاتين بغسل واحد كان هذا الجمع واجبا ، فليتأمل. وقد يؤيده أيضا ما في أخبار الجمع من الباء كقوله (ع) (١) : ( تجمع بين صلاتين بغسل ) لاشعارها بمقارنة الغسل لها ، وما في خبري أبي المعزى (٢) وإسحاق بن عمار (٣) « انها تغتسل عند كل صلاتين » ونحوه غيره (٤) وفي خبر عبد الله بن سنان (٥) عن الصادق عليهالسلام « المستحاضة تغتسل عند صلاة الظهر وتصلي الظهر والعصر ، ثم تغتسل عند المغرب فتصلي المغرب والعشاء ، ثم تغتسل عند الفجر فتصلي الفجر » وهو ـ مع اشتماله على لفظ ( عند ) التي ستسمع فيما يأتي ان ابن إدريس ادعى صراحتها في ذلك عند الكلام في وضوء القليلة ، حتى أن من تأخر عنه ممن خالفه في ذلك لم ينكر عليه ذلك ، بل أنكر وجود رواية مشتملة عليها ـ قد اشتمل على لفظ الفاء التي هي للتعقيب من غير مهلة ، ويؤيده مع ذلك كله انه الموافق لمقتضى الحكم بحدثية دم الاستحاضة ، فيقتصر فيه حينئذ بالنسبة للعفو عنه على محل اليقين.
هذا مع ما عرفته سابقا من ظهور عدم الخلاف فيه سوى ما في كشف اللثام ، وتبعه العلامة الطباطبائي من جواز الفصل بينه وبين الصلاة ، ولعله للأصل وإطلاق بعض الأخبار (٦) وقول الصادق عليهالسلام في خبر إسماعيل بن عبد الخالق (٧) المروي عن الحميري في قرب الاسناد « فإذا كان صلاة الفجر فلتغتسل بعد طلوع الفجر
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب الاستحاضة ـ حديث ٣.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب الحيض ـ حديث ٥.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب الحيض ـ حديث ٦.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب الاستحاضة ـ حديث ٣.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب الاستحاضة ـ حديث ٤.
(٦) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب الاستحاضة ـ حديث ٥.
(٧) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب الاستحاضة ـ حديث ١٥.