واحتمال أخبار الرجوع الى أيام أقرائها أن أكثره العشرة كالحيض ، ولا يخفى ضعف الجميع ، نعم قد يستدل له بما عساه يظهر من الأخبار من إلحاق أيام الاستظهار بما قبلها تجاوز الدم أو انقطع ، وقد سبق ان الاستظهار عنده إلى العشرة ، لكنك قد عرفت هنا وفي باب الحيض ما يدفع ذلك وان أعيى على بعض المعاصرين ، فتأمل.
ومن العجيب ما في الذكرى حيث قال : « الأخبار الصحيحة المشهورة تشهد برجوعها الى عادتها في الحيض ، والأصحاب يفتون بالعشرة ، وبينهما تناف ظاهر ، ولعلهم ظفروا بأخبار غيرها ، وفي التهذيب قال : جاءت أخبار معتمدة في أن أقصى النفاس عشرة ، وعليها أعمل لوضوحها عندي ، ثم ذكر الأخبار الأول ونحوها ، حتى أن في بعضها (١) عن الصادق عليهالسلام « فلتقعد أيام قرئها التي كانت تجلس ثم تستظهر بعشرة أيام » قال الشيخ : يعني إلى عشرة ، إقامة لبعض الحروف مقام بعض ، وهذا تصريح بأن أيامها أيام عادتها لا إلى العشرة ، وحينئذ فالرجوع الى عادتها كقول الجعفي في الفاخر وابن طاوس والفاضل أولى ، وكذا الاستظهار كما هو هناك ، نعم قال الشيخ : لا خلاف بين المسلمين أن عشرة أيام إذا رأت المرأة الدم من النفاس ، والذمة مرتهنة بالعبادة قبل نفاسها فلا يخرج عنها إلا بدلالة ، والزائد على العشرة مختلف فيه ، فان صح الإجماع فهو الحجة ، ولكن فيه طرح للأخبار الصحيحة أو تأويلها بالتقييد » انتهى.
وفيه مواضع للنظر تظهر مما تقدم لنا سابقا ، ( منها ) قوله : « إن الأصحاب يفتون بالعشرة » مستظهرا ذلك من قولهم : إن أكثر النفاس عشرة ، وإلا فلم نعرف أحدا نص على ذلك قبل المحقق كما اعترف به في كشف اللثام ، وقد عرفت فيما مضى انه لا تنافي بين الرجوع الى العادة والفتوى بالعشرة ، فإنهم إنما يفتون بأنها أكثره
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب النفاس ـ حديث ٣.