من القول بالمنع ، لقوله تعالى (١) ( لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) وقول أبي الحسن عليهالسلام (٢) في خبر إبراهيم بن عبد الحميد : « المصحف لا تمسه على غير طهر ولا جنبا ولا تمس خيطه ولا تعلقه ، ان الله يقول ( لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) » وضعفه واضح كاستدلاله ، أما بالآية فلما عرفت من رجوع الضمير فيها الى القرآن ، وهو غير المصحف ، لأنه عبارة عن المقرو ، وهو نفس الكتابة ، ولعله بذلك يظهر أن المراد بالمصحف في الرواية أيضا ذلك ، كما يشعر به الاستدلال عليه بالآية سيما على نسخة ( ولا خطه ) أي كتابته ، فيكون عطفا تفسيريا ، ومن هنا تعجب صاحب الحدائق من ذكر بعض الأصحاب لهذه الرواية سندا للكراهة مع خروجها عن المطلوب ، سيما مع ذكرهم لها هناك سندا للمنع عن مس المحدث بالحدث الأصغر. نعم يمكن استفادة الكراهة منها بفحوى النهي عن التعليق وعن مس الخيط على النسخة الأخرى ، ولعل وجه استدلال الأصحاب بها هو شمول لفظ المصحف للكتابة وغيرها ، إلا انه لما انجبر النهي بفتوى الأصحاب بالنسبة للكتابة وجب القول بالحرمة ، ولم ينجبر بالنسبة إلى غيرها ، فوجب القول بالكراهة ، لعدم صلاحية الرواية لإثبات الحرمة لما فيها من الضعف. لا يقال : ان ذلك استعمال للنهي في حقيقته ومجازه ، لأنا نقول لو سلم لا بأس بارتكاب حمله على عموم المجاز ، إذ أقصاه انه مجاز قرينته ما سمعت ، هذا على نسخة ولا خيطه بالياء ، وأما على نسخة الخط فيحتمل ان يقال حينئذ المراد بالمصحف في الأول ما عدا الكتابة فيحمل النهي الأول على الكراهة ، والثاني على الحرمة.
والأولى الاستدلال للمرتضى رحمهالله بصحيح ابن مسلم (٣) قال : قال
__________________
(١) سورة الواقعة ـ الآية ٧٨.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٣.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الجنابة ـ حديث ٧.