واما التقريب الثاني ، فيرد عليه : أن اللفظ بلحاظ كل من الوضعين يكتسب حيثية قرن مؤكد مغايرة للحيثية التي يكتسبها بتوسط الوضع الآخر ويمكن أن نعبر عنها بالألفة الذهنية بين صورة اللفظ والمعنى الحاصلة ببركة القرن الخارجي بينهما ، وهو بلحاظ كل من الحيثيتين يكون سببا في إيجاد معنى خاص ، فلا يلزم صدور الكثير من الواحد بلا حاجة إلى التخلص عن المحذور بتكثير السبب عن طريق ضم القرينة ـ كما في مقالات المحق العراقي ـ هذا ، على أن البيان المذكور لو تم لاقتضى استحالة ترتب انفهامين في ذهن السامع على اللفظ لا استحالة استعمال اللفظ في أكثر من معنى ، لأن الاستعمال لا يتقوم بفعلية الانفهام بل بشأنيته في نفسه ، ولهذا قد يكون المستعمل في مقام الإجمال.
الثاني : ما جاء في كلمات صاحب الكفاية قدسسره (١) ومرجعه إلى الاستناد إلى الشرط الثالث لإثبات الامتناع ، إما بتقريب : ان الاستعمال ـ كما تقرر في الشرط الثالث ـ عبارة عن إفناء اللفظ في معناه بنحو يكون اللفظ ملحوظا باللحاظ الآلي ومرآة للمعنى ، ويستحيل وحدة الفاني مع تعدد المفني فيه في عالم اللحاظ ، لأن الفناء يستدعي العينية في التصور واللحاظ وهو خلف التعدد. وبكلمة أخرى : مع فنائه في أحد المعنيين فأي وجود يبقى له لكي يفرض فناؤه في المعنى الآخر. وإما بتقريب : أشار إليه المحقق العراقي قدسسره في مقالاته من أنه بناء على أن اللفظ يلحظ في مقام الاستعمال لحاظا آليا يلزم في حالة استعمال اللفظ في أكثر من معنى اجتماع لحاظين على ملحوظ واحد وهو اللفظ ، لأن كلا من المعنيين ملحوظ باللحاظ الاستقلالي وكل من هذين اللحاظين يصل إلى المعنى بتوسط اللفظ ومرورا منه إليه كما هو معنى الآلية ، وهو يعني مرور لحاظين من اللفظ إلى المعنيين في وقت واحد ، وهو معنى لزوم اجتماع لحاظين آليين على اللفظ في استعمال واحد وهو غير معقول. وهذا بخلاف ما إذا أنكرنا الآلية في مقام الاستعمال فان اللفظ حينئذ يكون ملحوظا
__________________
(١) كفاية الأصول ج ١ ص ٥٤ ( ط ـ مشكيني )