من عبارته من جواز بيع عذرة غير الآدمي وإن كانت نجسة في غير محله كما أن ما عساه يقال أو قيل : من إمكان الجمع بين الروايتين ، بحمل حديث المنع على الكراهة ، أو التحريم مع فرض عدم الانتفاع ، كما في بعض البلدان ، أو التقية وحينئذ فيكون الحكم بنفي البأس في رواية سماعة بيانا للحكم الواقعي في غير محله أيضا ، ضرورة أن الجمع بذلك فرع التكافؤ المفقود هنا كما عرفت ، على أن لفظ السحت والحرام كالصريح في خلاف الكراهة ، وليس هو بأولى مما ذكرناه على أن السؤال عن بيع العذرة قرينة ، على الانتفاع إذ ما ينتفع به لا يسئل عن بيعه ، وأما التقية فهي في الحقيقة طرح لأحد الدليلين ، فالجمع أولى
ومن ذلك كله يظهر لك أن ما عن الظاهر الأردبيلي والمحقق الخراساني من التوقف في حكم العذرة وغيرها من الأرواث النجسة ، بل الميل إلى جواز بيعها كما هو المحكي عن الفاضل القاساني تمسكا بالأصل ، واستضعافا لدليل المنع والتفاتا إلى ظهور الانتفاع بها في الزرع والغرس في غاية الضعف ، بعد ما عرفت وما أبعد ما بين القول بذلك ، والقول بعدم جواز بيع الأرواث والأبوال كلها إلا بول الإبل من غير فرق بين الظاهر والنجس ، كما هو المحكي عن المفيد وسلار وإن كنا لم نتحقق ذلك منهما ، لتعبيرهما بالعذرة التي هي حقيقة في عذرة الإنسان ، نعم كلامهما ظاهر في عدم جواز بيع الأبوال الطاهرة إلا بول الإبل كما أشار إليه المصنف بقوله وربما قيل بتحريم الأبوال كلها إلا بول الإبل خاصة دون الأرواث الطاهرة التي لم يظهر لنا خلاف في جواز بيعها ، بل سيرة المسلمين في الأعصار والأمصار من غير نكير على ذلك ، مضافا إلى أنها أعيان طاهرة ينتفع بها نفعا ظاهرا بينا في التسميد والإيقاد ، فيحل بيعها كغيرها من الأعيان المخلوقة