قال : ولو قلنا بالتعميم ينبغي قصر البيع على ما فيه خطر وغبن ، فلو خرج ليبيع عليهم المأكول ونحوه فلا بأس ، وفيه أن الحكمة في النهي عن التلقي ليست لمراعاة حال الركب خاصة ، بل الأعم من ذلك ومن حال أهل البلد ، باعتبار اختصاص الربح ونحوه بالمتلقى خاصة ، كما أومأنا إليه سابقا فيعم حينئذ جميع ذلك ، ضرورة منع الرزق على أهل هذا الصنف.
وعلى كل حال فلو خالف وتلقى وباع واشترى انعقد البيع ، وإن قلنا بالتحريم كما عن ابن إدريس التصريح به ، بل عن ظاهر المنتهى اتفاق العلماء على ذلك لكون النهي عن أمر خارج عن حقيقة البيع ، خلافا للإسكافي فأبطله وهو واضح الضعف ، ومنه يعلم المراد في النهي عن أكل ما يتلقى كما أشرنا إليه ، فما في شرح الأستاد من الحكم بالفساد على تقدير الحرمة ، لأن النواهي في أخبار المسألة تعلقت بنفس المعاملة لا بخارج عنها كما قيل ، مع أن فيها ولا تشتر ما يتلقى ولا تأكل منه إلى آخره كما ترى ، إذ النهي في أخبار المسألة إنما تعلق بالتلقي معللا بان المسلمين يرزق الله بعضهم من بعض ، لا بنفس المعاملة ، على نحو بيع الحصى أو بيع الخمر أو الميتة ، بل لا يثبت في ذلك للبائع الخيار إلا أن يثبت الغبن الفاحش خلافا لظاهر المحكي عن ابن إدريس من ثبوت الخيار مطلقا ، ولعله لإطلاق النبوي المرسل (١) في الدروس عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم « لمن تلقى فصاحب السلعة بالخيار » أو النبوي العامي (٢) « لا تلقوا الجلب فمن تلقاه واشترى منه فإذا أتى السوق فهو بالخيار » القاصر سندا عن تخصيص
__________________
(١) المستدرك ج ٢ ص ٤٦٩.
(٢) كنز العمال ج ٢ ص ٣٠٦ الحديث ٤٣٠٦.