قرينة داخلان في اسمه أو حكمه ولا فرق في المحرم منه بين الشعر والنثر نعم ما يرجع إلى المبالغة ليس منه ، كما انه لا حرمة فيما كان منه لمصلحة يرجح مراعاتها ، على مراعاة تجنب المفسدة الكائنة فيه ، ولا تجب التورية حينئذ ولو تمكن منها ، للأصل وغيره نعم ينبغي الاقتصار فيه على مقدار ما تحصل به المصلحة المفروضة.
وكالنميمة بين المؤمنين بل المسلمين ، التي تطابقت الأدلة الثلاثة أو الأربعة على حرمتها ، فيحرم حينئذ التكسب بها ، بل يحرم كل ما يؤخذ جزاء عنها ، بل في بعض الأخبار ما يدل على حرمة استماعها أيضا وعلى كل حال ، فالمراد بها السعاية بنقل حديث كل إلى الآخر أو ما كان بمنزلته لإيقاع فتنة أو وحشة ولعلها المراد بقوله تعالى (١) ( وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ) (٢) بل عن الصادق عليهالسلام « انها من السحر الذي يفرق بين المتحابين ، ويعادي بين المتصافين ويسفك به الدماء ويهدم به الدور ويكشف به الستور ، وان النمام أشر من وطئ الأرض بقدم ».
نعم قد تجوز وتستحب أو تجب لإيقاع الفتنة بين المشركين ، وتقوية المتقين على المبطلين ، والظاهر عدم اختصاصها بالأقوال ، كما أومأنا إليه سابقا ، بل تكون بالكتابة والرمز والغمز ، وعدم اختصاصها بكون المنقول قولا. أو عيبا أو ما يقتضي نقصا ، ضرورة كون حقيقتها إفشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه.
وكيف كان فالنمام غير ذي اللسانين والوجهين ، الذي يتردد بين اثنين سيما المتعاديين ، ويكلم كل واحد منهما بكلام يوافقه ، وإن كان
__________________
(١) سورة البقرة الآية ٢١٧.
(٢) المستدرك ج ٢ ص ١١١.