يتصور الاخوة بين المؤمن والمخالف ، بعد تواتر الروايات وتظافر الآيات ، في وجوب معاداتهم ، والبراءة منهم ، وحينئذ فلفظ الناس والمسلم ، يجب إرادة المؤمن منهما ، كما عبر به في أربعة أخبار.
وما أبعد ما بينه وبين الخواجه نصير الدين الطوسي والعلامة الحلي وغيرهم ممن يرى قتلهم ، ونحوه من أحوال الكفار ، حتى وقع منهم ما وقع في بغداد ونواحيها ، وبالجملة طول الكلام في ذلك كما فعله في الحدائق من تضييع العمر في الواضحات ، إذ لا أقل من أن يكون جواز غيبتهم لتجاهرهم بالفسق ، فان ما هم عليه أعظم أنواع الفسق بل الكفر ، وإن عوملوا معاملة المسلمين في بعض الأحكام للضرورة ، وستعرف إنشاء الله أن المتجاهر بالفسق لا غيبة له فيما تجاهر فيه وفي غيره ، ومنه يعلم فساد ما حكاه عن الشهيد ، وعلى كل حال فقد ظهر اختصاص الحرمة بالمؤمنين ، القائلين بإمامة الأئمة الاثنى عشر دون غيرهم من الكافرين والمخالفين ولو بإنكار واحد منهم عليهمالسلام.
إنما الكلام في موضوعها ، وقد سمعت ما ذكره في جامع المقاصد ويقرب منه ما في القاموس غابه ، عابه وذكره بما فيه من السوء ، ضرورة غلبة الكراهة لو سمع ذلك ، وكذا ما عن المصباح المنير اغتابه إذا ذكره بما يكرهه من العيوب وهو حق ، والصحاح ومجمع البحرين أن يتكلم خلف انسان مستور بما يغمه لو سمعه وفي المرسل (١) عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم « أتدرون ما الغيبة ، فقالوا : الله ورسوله أعلم قال : ذكرك أخاك بما يكره قيل : أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال : إن كان فيه ما تقول : فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته » ونحوه
__________________
(١) صحيح مسلم ج ٢ ص ٣٨٥.