كما انه تقدم لك في باب الزكاة حكم من باع جملة الثمرة وفيها عشر الصدقة ، وأنه بناء على تعلقها بالعين الصحة في نصيبه دون حصة الفقراء ، إلا مع الضمان بمعنى العزم على الأداء من غيرها ، لأنه مخير بين الدفع منها ومن غيرها ، فيصح فيها أيضا ، لكنه يبقى مراعى بالأداء فإن أدى نفذ وإلا فسخ الساعي العقد وتبع عين المال لما سمعته فيما تقدم ، وكذا لو باع أربعين شاة مثلا وفيها الزكاة لما تقدم سابقا من أن الشاة الواجبة فيها موزعة على مجموع النصاب ، على معنى استحقاق الفقراء في كل واحدة ربع عشرها ، لا ان المراد شاة لا بعينها فيبطل البيع في حصته أيضا مع عدم الضمان ، لجهالة ثمنها بسبب جهالة شاة الزكاة التي لم تتعين إلا بالتعيين ، فتختلف قيمتها حينئذ بذلك فيجهل حينئذ ثمن حصته ، لما قدمناه سابقا من وضوح فساد ذلك ، ولذا وجب التقسيط على المراض والصحاح ، وكذا لو تلف شيء من النصاب بغير تفريط ، فإنه يسقط بالحساب كما قدمنا الكلام في ذلك كله ، بل وفي بيع المال الذي فيه الخمس بناء على أنه مطلقا في العين مما لم يندرج في إباحة المتاجر لنا ، فلاحظ وتأمل والله اعلم.
وعلى كل حال فقد ظهر لك الحال فيما لو باع ما يملك وما لا يملك وكان مملوكا لغيره وكذا لك الكلام فيما لو باع لمسلم ما يملك وما لا يملكه المسلم أو لا يملكه مالك كالعبد مع الحر والشاة مع الخنزير والخل مع الخمر بثمن قصدا به مقابلة الجملة ، فإنه يصح فيما يملكه للعمومات (١) وفحوى ما سمعته سابقا (٢) ويبطل في الأخر لأنه كالعقود المتعددة ، ولا غرر بعد علم المقابل الصوري الذي
__________________
(١) سورة المائدة الآية ١ وسورة النساء الآية ٢٩.
(٢) الوسائل الباب ١ و ٢ من أبواب العقد وشروطه.