ولكن قد يقال أن مراد المشهور فيما ذكروه من تقديم قول المبتاع فيما لو اتفقا على سبق التغير في المبيع على وجه يوجب الخيار لو كان المشتري جاهلا فادعى هو أني لا أعلم بذلك ، وادعى البائع عليه أنك قد رأيته ورضيت به ، ولا ريب في أن القول قول المشتري حينئذ ، لأصالة عدم العلم به ، ولإطلاق ما دل على ثبوت الخيار بنحو ذلك (١) حتى يعلم المسقط من العلم به أو اشتراط الإسقاط أو نحو ذلك ، ولعل التردد من المصنف فيه للتردد في أصالة ثبوت الخيار بذلك حتى يعلم ، وعدمها على معنى أنه لا يحكم بإيجابه الخيار حتى يعلم جهل المشتري به لأصالة اللزوم ، ولا ريب في أن الأقوى الأول ، والله العالم.
وعلى كل حال فان كان المراد مما يراد شراؤه الطعم أو الريح مثلا وكان أنواعا متعددة يختلف الثمن باختلافها ، وقد شاهد مثلا ما له مدخلية في ذلك ولم يبق غيرهما ، فلا بد من اختباره بالذوق أو الشم لرفع الجهالة والغرر إذا فرض توقف ارتفاعهما عليه ، وفي خبر محمد بن العيص (٢) « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل اشترى ما يذاق يذوقه قبل أن يشتري؟ قال : نعم فليذقه ولا يذوقن ما لا يشتري » كما أن ما يراد لونه مثلا لا بد من رؤيته في رفعهما ، ضرورة معلومية كل شيء بحسبه ، نعم يجوز شراؤه من دون ذلك بالوصف القائم مقام الاختبار كما يقوم مقام الرؤية من غير فرق ، بين حضور العين وغيبتها ، وعدالة الواصف وفسقه ، ولذا صح أن يشتري الأعمى الأعيان المرئية به بلا خلاف ولا إشكال في شيء من ذلك ، عدا ما في محكي السرائر من قوة احتمال عدم جواز
__________________
(١) الوسائل الباب ١٦ من أبواب الخيار.
(٢) الوسائل الباب ٢٥ من أبواب عقد البيع وشروطه الحديث ١.