يقال أن السيرة المستمرة في سائر الأعصار والأمصار على معاملة ذلك معاملة المباحات الأصلية ، وكذا ما في الأراضي المفتوحة عنوة من حشيش وغيره من غير توقف على إذن حاكم جور أو شرع ، وما ذلك إلا لبقاء نحو ذلك في أمثال هذه الأراضي على الإباحة الأصلية ، فلا تتبع حينئذ الأراضي ، أو أنها وإن تبعتها إلا أن الاذن ممن له الإذن متحققة في تملك من يحوزها على حسب المباحات الأصلية ، بل قد يدعى نحو ذلك فيما كان من الأنفال منها من قصب الآجام ونحوه ، وإن لم أجد لذلك كله تحقيقا في كلماتهم ، وربما يرزق الله تعالى شأنه فيما يأتي زيادة توضيح لذلك والله العالم.
الثاني ان يكون الملك طلقا أي تاما كما أبدله به في القواعد إلا أنه لم نجد شيئا منهما في شيء مما وصل إلينا من النصوص واستفادته مما ورد في الأماكن المخصوصة كالوقف (١) وأم الولد (٢) ونحوهما على وجه يتعدى منه إلى غيره لا يخلو من إشكال ، ضرورة كونه ان كان المراد به عدم تعلق حق الغير به ، فهو منقوض بما ثبت جواز بيعه مما هو كذلك من بيع العبد الجاني ، والمبيع في زمن الخيار على أحد الوجرة ، وتركة المديون كذلك أيضا وغيرها ، وإن أريد به ما جاز لمالكه جميع أنواع التصرفات به فهو واضح من الأول فسادا فان منذور عدم تصرف الخاص لا ينافي جواز البيع قطعا ، وإن جعل مرجعه إلى كل ما ثبت عدم جواز بيعه مما تعلق به حق الغير ، لم يوافق ذكره بعنوان الشرطية العامة ، وكذا إن أريد به عدم تزلزل الملك ، فان من المعلوم جواز بيع الموهوب ونحوه ، ومثل ذلك قد وقع
__________________
(١) الوسائل الباب ٦ من أبواب أحكام الوقوف والصدقات.
(٢) الوسائل الباب ٢٦ من أبواب بيع الحيوان.