قلناه غير أن قوله أخيرا حرم الجميع فيه ما لا يخفى.
نعم لو أخذه من مخالف مثله على وجه يحل في مذهبه حل لنا ، وإن حرم في مذهبنا إلزاما لهم بما الزموا به أنفسهم (١) ، بل وكذا لو كان حلالا في مذهبنا حراما في مذهبهم ، ولو خفف الخراج على بعض المؤمنين ، نفذ تخفيفه كما لو رفع يدا عن أصل الخراج ، لأنه أحل تصرفاته التي سمعت الاذن بها لنا ، مع احتمال الرجوع بها حينئذ إلى الحاكم الشرعي ، لما عرفت من كون الخراج أجرة أرض ثبتت للمسلمين ، عوض الانتفاع فان غصبه الجائر وأخذه ، أسقط الشارع إعادته إرفاقا ، أما إذا لم يكن غصب وجب تسليمه إلى ولي الأمر أو نائبه ، وليس هذا كتصرفاته في الخراج ، على من لم يكن في ذمته ، ضرورة كونها حينئذ من الغصب بخلاف الفرض فإنه لا غصب ، ولعل ذلك لا يخلو من قوة ، وهل يجري الحكم فيما يضربه الجائر من الخراج على ما يختص بالإمام ، لأنه من الأنفال كموات الأرض يحتمل ذلك عملا بإطلاق النص والفتوى ، ويقوى في النفس العدم لعدم ثبوت الاذن منهم عليهمالسلام في ذلك بعد كون المنساق من الإطلاق المزبور غيره ، بل إطلاق قولهم : « من أحيى أرضا ميتة فهي له » يقتضي العدم بل يقتضي عدم وجوب الرجوع به إلى نائب الغيبة أيضا.
وأما مصرف الخراج لو وقع في يد الحاكم فالمتجه قصره على المصالح العامة للمسلمين ، كبناء القناطر وحفظ الطرق ، واعانة المجتهدين ، ونحو ذلك قال : الكركي في رسالته قد ذكر أصحابنا في مصرف الخراج أن الامام يجعل منه أرزاق الغزاة والولاة والحكام وسائر وجوه الولايات ،
__________________
(١) الوسائل الباب ٤ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد الحديث ٥.