تضمن السؤال الاستخبار عن وقوع المسؤول في الماضي ، ومراعاة التطبيق بينه وبين الجواب يستلزم كونه إخبارا عن الوقوع لا إنشاء للتزويج ، فلو صرح به فيه لارتفع التطابق اللازم المراعاة ، ومن هنا يمكن أن يقال بعدم وقوع التزويج لو أبدل « نعم » بالصريح إلا أنه قد عرفت قوة القول بعدم اعتبار خصوص لفظ ، بل يكفى كل لفظ دال على الإنشاء على وجه لا ينكر استعماله في العقد في عرف المتشرعة ، وحينئذ فالقول بالصحة لا يخلو من قوة ، نعم لو قصد بذلك الاخبار كذبا أو صدقا لم ينعقد قطعا وحينئذ فضعف النصوص المزبورة غير قادح ، وكذا اختصاصها بالمتعة مع أنه لا قائل بالفصل ، والتطابق لا يجب مراعاته ، مع أنه يمكن فرضه في الاستفهام التقرير الذي يراد منه وقوع العقد ، على أن مفروض البحث قصد الإنشاء الذي يحصل به جواب المستفهم ، ومن الغريب ما سمعته من الرياض من احتمال عدم الاكتفاء لو أبدل « نعم » بالتصريح ، والله العالم.
ولا يشترط هنا تقديم الإيجاب على القبول ، بل لو قال المتزوج : تزوجت منشئا فقال الولي : « زوجتك » صح وفاقا للأكثر ، كما في المسالك ، بل عن المبسوط الاتفاق عليه ، لإطلاق الأدلة ، وظهور النصوص السابقة فيه من خبر الساعدي (١) وغيره ، مؤيدا ذلك بمراعاة الشارع الحياة في البكر ، ولذا اكتفى عن رضاها بالسكوت (٢) ولا ريب في المشقة عليها من جهته بابتدائها بالإيجاب ، بخلاف ما لو ابتدأ الزوج وذكر ما أنشأ به إرادة النكاح والشرائط والمهر ونحو ذلك ، فإنه يهون عليها حينئذ قول : « زوجتك » مثلا.
وما يقال من أن حقيقة القبول الرضا بالإيجاب فمتى وجد قبله لم يكن قبولا ، لعدم معناه ، يدفعه منع كون المراد بالقبول قبول الإيجاب ، بل قبول النكاح ، وهو متحقق على التقديرين ، على أن القبول حقيقة ما وقع بلفظ القبول ، ولا إشكال في عدم جواز وقوعه بهذا اللفظ الذي تمنع مادته عن تحقق معناه من دون تقديم
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٤٢.
(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب عقد النكاح.