أما التزويج فصحيح ، وأما طلاقه فينبغي أن تحبس عليه امرأته حتى يدرك ، فيعلم أنه كان قد طلق ، فإن أقر بذلك وأمضاه فهي واحدة بائنة ، وهو خاطب من الخطاب ، وإن أنكر ذلك وأبى أن يمضيه فهي امرأته » الحديث.
وإن كان هو كما ترى ، وفي محكي المختلف تنزيلها على سكر لا يبلغ حد عدم التحصيل ، فإنه إذا كان كذلك صح العقد مع تقريرها ، وفي المسالك وفيه نظر بين ، لأنه إذا لم يبلغ ذلك القدر فعقدها صحيح وإن لم تقرره وترضى به بعد ذلك بالجمع بين اعتبار رضاها مع السكر مطلقا غير مستقيم ، بل اللازم إما اطراح الرواية رأسا أو العمل بمضمونها ولعل الأول أولى.
قلت : لعل الأمر بالعكس ، لصحة الخبر وعدم مهجوريته ، كعدم ثبوت سلب حكم عبارة السكران وكونه كالمجنون ، ويمكن أن يكون مراد العلامة بالتنزيل المزبور عدم بلوغ السكر الى حد يصدر منه الكلام على وجه الهذيان كالنوم ونحوه ، بل هو باق على قابلية قصد العقد كما يومي اليه قوله : « فزوجت نفسها » إلا أنه لما غطى السكر عقله لم يفرق بين ذي المصلحة والمفسدة ، فهو حينئذ قاصد للعقد ، إلا أنه لم يؤثر قصده ، لعارض السكر الذي ذهب معه صفة الرشد ، فإذا تعقبته الإجازة صح واندرج في آية ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (١) وغيرها ، بل لعله أولى من السفيه بل والمكره في ذلك ، فإنه أيضا قاصد للعقد ، لكنه غير راض به ، فإذا ارتفع الإكراه وحصل الرضا كفى ذلك في الصحة ، نعم لو فرض سكره على وجه يصدر اللفظ كالهذيان ، اتجه حينئذ عدم الصحة ولو تعقبت الإجازة ، لعدم القصد حال النطق ، وكذا المكره الذي بلغ فيه الإكراه إلى زوال العقل حتى صار يصدر اللفظ منه على وجه الهذيان ، فان الظاهر عدم الصحة وإن تعقبته الإجازة ، ولا يناقش ذلك بإمكان فرضه في المجنون ، لإمكان دفعها بالإجماع وغيره على سلب عبارة المجنون بجميع أفراده ، ودعواه في جميع أفراد من زال عقله من غير فرق بين المجنون وغيره يمكن منعها ، خصوصا في مثل السكران الذي كان سكره بسوء اختياره ، فيعامل
__________________
(١) سورة المائدة : ٥ ـ الآية ١.