لأن التخاطب بين المتعاقدين معتبر ، وهو منتف مع نوم صاحبه ، ومن ثم لو خاطب شخصا بالعقد فقبل الآخر لم يصح ، ويحتمل الصحة هنا ، لأن الإيجاب توجه الى هذا القابل قبل النوم ، والأصل الصحة مع أنه في التذكرة قال في موضع آخر : « لو قال المتوسط للولي : « زوج ابنتك من فلان » فقال : « زوجت » ثم أقبل على الزوج فقال : « قبلت نكاحها » فالأقرب صحة العقد ، وهو أصح وجهي الشافعية ، لوجود ركني العقد : الإيجاب والقبول ، وارتباط أحدهما بالآخر ، والثاني لا يصح ، لعدم التخاطب بين المتعاقدين ، ويستفاد منه أن تخلل مثل هذا الكلام بين الإيجاب والقبول لا يضر ، لأنه ليس أجنبيا صرفا » قلت : أو يفرض على وجه لا يقدح في الفورية المعتبرة في العقد ، فلا إشكال حينئذ من هذه الجهة ، كما أنه لا إشكال في البطلان مع فرض حصول القبول من القابل بعد نوم الموجب ، لما عرفت.
إنما الكلام فيمن نام بعد الإيجاب ثم استيقظ فقبل القابل ، فإنه يمكن القول بالبطلان ، لفساد حكم الإيجاب حينئذ بالنوم بعده بفقد الشرط الذي هو الاستدامة التي قد عرفتها ، ويمكن القول بالصحة باعتبار كونه كالعقد الجائز الذي لا يضر فيه النوم ، ولعل الأول أقوى وإن كان ظاهر ما سمعته من المسالك المفروغية من الصحة في الفرض ، وانما جعل البحث في القبول حال النوم الذي قد عرفت المفروغية عندنا من بطلانه ، وتشبيه ما نحن فيه بالعقد الجائز لا دليل عليه وإن تشاركا في بعض الأحكام للدليل المقتضى لذلك فيهما كما هو واضح ، والله العالم.