بعضهم أن المراد في الآية خصوص ما لا واسطة فيه ، والتحريم في غيره قد استفيد من السنة.
وكيف كان فيستفاد من الآية مضافا إلى ذلك أن مثلهن من الرجال يحرم على النساء فيحرم الأب وإن علا على البنت والولد وإن سفل على الأم والأخ وابنه وابن الأخت على الأخت والعمة والخالة والعم وإن علا وكذلك الخال على بنت الأخ وبنت الأخت ، والضابط من لو كان امرأة وهي رجل كان محرما مع بقاء النسب بعينه ، لأن التحريم من أحد الطرفين هنا يستلزم التحريم من الطرف الآخر ، ولعل ذلك هو السبب في تخصيص الله تعالى في الآية المحرمات على الرجال ولم يذكر العكس.
نعم قد يناقش فيما ذكره بعضهم دليلا لذلك من أن النكاح مثلا أمر واحد بسيط ، فلا يكون حلالا وحراما وإن اختلفت إضافته إلى الطرفين ، فان ذلك لا يخرجه عن وحدته المانعة من اجتماع الحكمين المتضادين بأنه إن أريد من النكاح العقد فهو الإيجاب والقبول ، وهما فعلان قائمان بمحلين مختلفين ، إذ الإيجاب فعل الموجب والقبول فعل القابل ، فلا يكون شيئا واحدا ، وإن أريد منه الوطء فلا ريب في أن المعنى القائم بالواطي غير المعنى القائم منه بالموطوء ، فإن الوطء في الواطئ بمعنى الفاعلية ، وفي الموطوء بمعنى المفعولية ، وهما معنيان متغايران ، فلا اجتماع للضدين في محل واحد ، بل بذلك يظهر لك التعدد في غير النكاح من المعاملات ، كالبيع والصلح والإجارة وغيرها وحينئذ فلا مانع من اختلاف الحكم فيها.
ولعله لذا ذهب جماعة إلى اختلاف حكم المتعاقدين في البيع وقت النداء إذا كان أحدهما مخاطبا بالجمعة دون الآخر ، فخصوا المنع بمن خوطب بالسعي ، وحكموا بجواز البيع من طرف الأخر نعم رجح جماعة آخرون عموم المنع من حيث الإعانة على الإثم.
وليس الحكم بالتحريم في المقام منها قطعا ، للفرق الظاهر بين تحريم العقد على أحد الطرفين في نفس الأمر عند تحريمه على الآخر ، وتحريم العقد عليه لكونه