ترى أن دلالة الثاني على انتفاء الاستحقاق عند عدم الإتيان أقوى من الأول وإن كانت أضعف من قوله : « إن يأتيني أحد فله درهم » وحينئذ فالقول بمفهوم الوصف يقتضي اعتبار المفهوم ، لتحقق الوصف فيه مع زيادة ، والقول بعدم اعتباره لا يوجب النفي فيه ، لإمكان تأثير الزيادة في الحجية ، ومن هنا يعلم أن خروج هذا المفهوم من مفهوم الشرط بعد تسليمه لا يقتضي عدم اعتباره ، ولا يتوقف على القول بحجية مفهوم الوصف ، والله العالم.
وما في الخامس من ظهور الآية في خصوص الأحرار باعتبار ظهورها في استطاعة مهر الأمة المنتفية في العبد ، وفي أن المراد عدم الاستطاعة لفقد الطول ، لا لامتناعه ، وهي في هذا المعنى ليست إلا في الأحرار ، سيما على المختار من عدم ملكية العبد ، بل الظاهر من قوله تعالى : ( مِنْكُمْ ) الأحرار نحو قوله تعالى (١) : ( وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ ) وكذا قوله تعالى (٢) ( فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) الظاهر في الملك فعلا أو إمكانه ، وهو ليس إلا في الأحرار ، ومع الإغضاء عن ذلك كله فلا مانع من ارتكاب التخصيص في المفهوم لا إلغاؤه ، ومع دوران الأمر بينهما فلا ريب في تقديم الأول ، على أن هذه المناقشة وما شابهها إنما هي في خصوص قوله تعالى ( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ ) لا قوله تعالى ( ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ ) إلى آخرها ، وهو كاف في ثبوت المطلوب ، لأن ثبوت أحد الشرطين هاهنا يقتضي ثبوت الآخر ، للإجماع على عدم اشتراط أحد الأمرين بخصوصه في نكاح الأمة ، فإن الأصحاب اختلفوا في هذه المسألة على قولين لا ثالث لهما : الجواز مطلقا والجواز مع وجود الشرطين معا ، فالقول بالجواز المشروط بأحدهما خاصة خلاف الإجماع المركب.
وما في السادس من أن المفهوم من تعليق نكاح الأمة على عدم استطاعة نكاح الحرة أن نكاح الأمة بدل عن نكاح الحرة ، وقائم مقامه عند فقدها
__________________
(١) سورة النور : ٢٤ ـ الآية ٣٢.
(٢) سورة النساء : ٤ ـ الآية ٢٥.