بعضهم.
والتمكين من نكاح الكتابية بناء على جوازه رافع لخشية العنت الذي هو أحد شرطي الجواز ، فيكفي حينئذ في المنع وإن صدق معه عدم طول نكاح المؤمنة المحصنة ، اللهم إلا أن يقال بمعونة قوله تعالى (١) ( وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ) والعسر في شدة المحافظة عن سؤرها وغيره إن المراد خشية العنت من حيث عدم نكاح المؤمنة ، فيكفي حينئذ في جواز نكاح الأمة المؤمنة وإن تمكن من نكاح الكتابية ، أو يقال بجواز كل منهما له أو نحو ذلك فتأمل جيدا.
ولو توقف نكاح الحرة على مهر يجحف بالحال أو زيادة لا يتسامح في مثلها فالظاهر عدم وجوب البذل وإن تمكن ، والاستطاعة في الآية (٢) محمولة على المتعارف ، ولعل ذلك مثل بذلك الزيادة المزبورة في تحصيل ماء الطهارة وساتر الصلاة وراحلة الحج ، هذا.
وفي المسالك « المعتبر في المال المبذول في المهر القدر الزائد عما يستثنى من المسكن والخادم وثياب البدن ونحوها ، لأن ذلك لا ينافي الفقر ، والفقير غير مستطيع ، مع احتماله ، لتحقق القدرة في الجملة المانعة من نكاح الأمة ».
قلت : لعل إيكال صدق الاستطاعة طولا الى العرف أولى من التعرض لجزئياته التي لم تنضبط ، لاختلافها مكانا وزمانا ، ومن ذلك ما ذكره فيها أيضا من أنه « لو كان له مال غائب يتحقق به الطول ولكن لا وصول اليه الآن مع خوف العنت فإن أمكنه الاستدانة عليه فهو مستطيع ، وإلا فلا ، ومن ثم جاز له أخذ الزكاة ، ولو وجد من يشتريه بأقل من ثمن المثل ففيه الوجهان السابقان. وما فيها أيضا من أنه « لو لم يكن مالكا للمهر ولكنها رضيت بتأجيله فان كان إلى وقت لا يترقب فيه المال عادة فلا عبرة به ، وإن كان مما يتوقع فيه القدرة فوجهان ،
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ٢٢١.
(٢) سورة النساء : ٤ ـ الآية ٢٥.