خطب المرأة فدخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين فرق بينهما ولم تحل له أبدا » وهو خبر واحد ضعيف مرسل ، بل ظاهره يقتضي التحريم المؤبد بالدخول مطلقا قبلا أو دبرا ، أفضى أو لم يفض ، عالما كان بالصغر أو جاهلا ، وحصول البينونة بمجرد ذلك ، وهو خلاف فتوى المعظم ، بل الكل في المسألتين ، وخلاف النص المعتبر الدال على بقاء الزوجية مع الإفضاء فكيف بدونه ، فالمتجه طرحه ، ودعوى التمسك به فيما لا تنافيه الأدلة بعد جبر سنده بالشهرة ممكنة موافقة لصناعة الفقه إلا أنها لا تورث الفقيه ظنا.
ومن ذلك كله تعرف ضعف القول بالتحريم المؤبد بالدخول وإن لم يفض الذي أشار إليه المصنف بقوله ولو لم يفضها لم تحرم على الأصح وإن نسب الى الشيخين في المقنعة والنهاية وابن إدريس على أنه لم نتحقق النسبة إلى الأول.
بل الموجود في نسخة عندنا ما سمعته المشعر بالجواز مع الإفضاء فضلا عن عدمه ، نعم قيل إن في التهذيب في آخر باب من يحرم نكاحهن بالأسباب « ومن تزوج بصبية فدخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين فرق بينهما ، ولم تحل له أبدا » واحتج على ذلك بمرسلة يعقوب بن يزيد السابقة ، وعلى العبارة المذكورة علامة المتن ، ويمكن أن يكون ذلك من التهذيب ، ووضع العلامة كان خطأ من النساخ.
وأما النهاية والسرائر فإنه وإن قال فيهما في أول أبواب النكاح : « وإذا تزوج الرجل بصبية لم تبلغ تسع سنين فوطأها فرق بينهما ، ولم تحل له أبدا » لكنهما قالا في باب الزفاف ما يدل على اشتراط الإفضاء ، قال في النهاية : « ولا يجوز للرجل أن يدخل بامرأة قبل أن يأتي لها تسع سنين ، فإن دخل بها قبل أن يأتي لها تسع سنين فعابت كان ضامنا لعيبها ، ويفرق بينهما ، ولا تحل له أبدا » وقال في المحكي من الثاني : « ولا يجوز للرجل أن يطأ امرأة قبل أن يأتي لها تسع سنين ، فان دخل قبل ذلك فعابت كان ضامنا لعيبها ، ولا يحل له وطؤها أبدا » ولعله لذا حكي بعضهم عنهما موافقة الأصحاب حملا لإطلاق كلامهما على مقيده ، فلم يتحقق حينئذ قول بذلك ، فلا وجه لاستعظام جماعة له ، حتى توقف لأجله العلامة في المحكي من تحريره ، ومالك