كما صرح به في المسالك بل زاد فيها أيضا على ذلك المعاملة معها ليعرفها إذا احتاج إليها ، بل قال بعد أن حكى الإجماع على جواز النظر للحاجة : إن من ذلك النظر إلى من يريد نكاحها أو شراءها.
نعم فيها وفي المتن وفي غيرهما أنه يقتصر الناظر منها أو منه على ما يضطر الى الاطلاع عليه ، كالطبيب إذا احتاجت اليه للعلاج ولو الى العورة دفعا للضرر بل الظاهر جواز اللمس كذلك إذا توقف عليه ، كما صرح به في المسالك ، لكن قال : « لو أمكن الطبيب استنابة امرأة أو محرم أو الزوج في موضع العورة في لمس المحل ووضع الدواء وجب تقديمه على مباشرة الطبيب ، ثم قال : والأقوى اشتراط عدم إمكان المماثل المساوي له في المعرفة أو فيما تندفع به الحاجة ، ولا يشترط في جوازه خوف فساد المحل ، ولا خوف شدة الضنى ، بل المشقة بترك العلاج أو بطء البرء » قلت : ينبغي أن يعلم أولا أنه لا فرق فيما ذكره أولا بين اللمس والنظر ، وثانيا أن ظاهر كلامه السابق كفاية الحاجة ، وهي أوسع دائرة من الضرورة ، بل ربما نافاه اشتراط عدم إمكان المماثل ، والذي يقوى في النظر الجواز للضرورة دون الحاجة ، لأنها هي التي دلت عليها النصوص (١) بخلافها ، إذ لم نعثر على ما يدل على جعلها عنوانا في الجواز في شيء مما وصل إلينا من الأخبار ، نعم قد سمعت الإجماع المحكي ، فإن تم كان هو الحجة ، وإن كان المظنون أن حاكيه قد استنبطه من استقراء بعض الموارد التي ذكرت في النصوص ، مضافا الى ما يستعمله الناس في القصد ونحوه ، إلا أن ذلك كله لا يقتضي جعل العنوان الحاجة ، كما هو واضح.
فالأولى الاقتصار في الجواز على خصوص ما في النصوص ، وعلى ما قضت به السيرة المعتد بها ، وعلى ما يتحقق معه اسم الاضطرار عرفا ، سواء كان ذلك بمعارضة ما هو أهم في نظر الشارع مراعاة من حرمة النظر واللمس من واجب أو محرم أولا ، فيكون ذلك حينئذ هو المدار في الجواز ، وليس من الضرورة النظر الى من يريد
__________________
(١) المتقدمة في ص ٨٧.