المباح مندوبة من حيث إنها مقدمة له ، وفساده ظاهر ، خصوصا مع ملاحظة قوله تعالى ( إِنْ يَكُونُوا ) إلى آخره. الظاهر في أنه رد لما عسى أن يمنع من النكاح ويزهد الناس فيه من خوف العيلة بأن الله الواسع العليم يغنيهم من فضله ، ولذا قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) : « اطلبوا الغنا في هذه الآية » وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) أيضا : « من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء ظنه بالله ، إن الله عز وجل يقول ( إِنْ يَكُونُوا ) » إلى آخره.
ولا ينافي ذلك قوله تعالى (٣) ( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ) إذ هو إنما يدل على الاستعفاف لمن لا يجد النكاح ولا يتمكن منه ولو بحصول من ينكحه ، وأن ذلك أولى له من تحمل المنة والذل والسؤال في تحصيل ما ينكح به ، إذ النكاح وإن كان مندوبا إلا أنه إذا توقف على مقدمات مكروهة مرجوحة سقط الخطاب باستحبابه حينئذ لا أنه ترتفع مرجوحية المرجوح له ، والحاصل أن المراد ترجيح الاستعفاف على النكاح المتوقف على عدمه ، وهذا لا ينافي استحبابه مع التمكن ولو مع الفقر ، على أن المروي عن الصادق عليهالسلام (٤) في تفسيره « يتزوجوا حتى يغنيهم الله من فضله » ولعل المراد أنهم يطلبون العفة بالتزويج والإحصان ليصيروا بذلك أغنياء ، أو ليحصل لهم به الغنا من الفقر ، كما رواه إسحاق بن عمار (٥) قال : « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : الحديث الذي يرويه الناس حق إن رجلا أتى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فشكى إليه الحاجة فأمره بالتزويج ، ففعل ثم أتاه فشكى إليه الحاجة فأمره بالتزويج ، حتى أمره ثلاث مرات؟ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : نعم هو حق ، ثم قال : الرزق مع النساء والعيال » وفي النبوي (٦)
__________________
(١) الدر المنثور ج ٥ ص ٤٥.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح ـ الحديث ٢.
(٣) سورة النور : ٢٤ ـ الآية ٣٣.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب مقدمات النكاح ـ الحديث ٢.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب مقدمات النكاح ـ الحديث ٤.
(٦) أشار إليه في الوسائل في الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح ـ الحديث ٣.