من ذلك تسلط المرأة على الفسخ إن شاءت مع فرض تزويج وليها إياها وهي غير عالمة ، لا أن المراد فساد النكاح حتى مع العلم والرضا ، ولعل للأصحاب فيما تقدم سابقا من نكاح الولي الصغيرة كلاما يشبه ذلك ، ونحو قولهم لو زوجها الولي من غير الكفو كان لها الخيار ، ضرورة إرادة الكفو عرفا لا شرعا وإلا كان النكاح باطلا ، لأن لها الخيار ، ومبناه على اعتبار المصلحة في تصرف الولي بالنسبة إلى ذلك أو عدم المفسدة ، ونحو ما سمعته من اعتبار التمكن من النفقة في الكفاءة ، نعم ربما كان بعض كلام في أفراد فاقد المصلحة وواجد المفسدة ، كالكلام في أن المراد بالخيار اجازة العقد وعدمه أو فسخه بعد الصحة وأن الولي تبقى ولايته على البكر البالغة الرشيدة أو لا ، كما عرفت البحث في ذلك كله ، والأمر سهل ، والله العالم.
( و ) كيف كان فقد ذكر المصنف وغيره أنه ( لو خطب المؤمن القادر على النفقة وجب إجابته وإن كان أخفض نسبا ، ولو امتنع الولي كان عاصيا ) ولكن لا ريب في منافاته لما وقع منه ومن غيره أيضا من كراهة تزويج الفاسق ، وخصوصا شارب الخمر والزاني والمخالف ، ولما في النصوص (١) من كراهة تزوج المهاجرة بالأعرابي ، وغير ذلك مما لا يجتمع مع وجوب الإجابة إلاّ بنوع من التأويل ، فلا بد من تقييد ذلك بما إذا لم يكن ممن يكره منا كحته ، بل في كشف اللثام زيادة : ولم يعلم فيه شيء من المسلطات على الفسخ ، ولم تأب المولى عليها ، مضافا إلى ما في المسالك من تقييده بعدم قصد العدول إلى الأعلى مع وجوده بالفعل أو القوة ، ثم قال : « وإنما يكون عاصيا مع الامتناع إذا لم يكن هناك طالب آخر مكافئ وإن كان أدون منه ، وإلا جاز العدول إليه ، وكان وجوب الإجابة تخييريا ، فلا يكون الولي عاصيا بذلك ».
على أن أصل الحكم لا يخلو من إشكال ، إذ هو في الولي الشرعي لصغر ونحوه مع عدم مصلحة خارجية تقتضي الوجوب يشكل دعواه ، للأصل وانتفاء الحاجة ، وفي المخطوبة التي هي أولى بنفسها لا يجب عليها أصل النكاح فضلا عن خصوصياته ،
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب ما يحرم بالكفر.