ولا فرق في الطلقات المحرمة على هذا الوجه بين كونها للعدة وغيرها ، خلافا لابن بكير وأصحابه فاعتبروا كونها للعدة ، وإلا حلت لزوجها من دون محلل ولو ألف مرة كما تسمعه إن شاء الله فيما يأتي ، وتسمع أيضا أن النكاح المتخلل بين الطلقات يهدم ما تقدمه من الطلاق ، فإذا رجعت لزوجها مثلا بعده تكون عنده على الثلاث كحالها السابق أولا ، والله العالم.
( وإذا استكملت المطلقة تسعا للعدة ينكحها بينها رجلان حرمت على المطلق أبدا ) إجماعا بقسميه ، والمراد بالطلاق للعدة أن يطلقها بالشرائط ثم يراجع في العدة ويطأ ، ثم يطلق في طهر آخر ثم يراجع في العدة ويطأ ، ثم يطلق الثالثة فينكحها بعد عدتها زوج آخر ، ثم يفارقها بعد أن يطأها ، فيتزوجها الأول بعد العدة ، ويفعل كما فعل أولا إلى أن يكمل لها تسعا كذلك يتخلل بينهما نكاح رجلين ، فتحرم في التاسعة مؤبدا لكن لا يخفى عليك أن إطلاق التسع للعدة حينئذ مجاز ، لأن الثالثة من كل ثلاثة ليست للعدة ، بل للسنة ، ووجه التجوز إما بإطلاق اسم الأكثر على الأقل أو باعتبار المجاورة ، وتظهر فائدة الاعتبارين فيما لو طلق الأول للعدة والثانية للسنة ، فان المعنيين ينتفيان عن الثالثة ، ويصدق على الثانية اسم العدية بالاعتبار الثاني دون الأول ، وفيما لو كانت الثانية للعدة والأولى للسنة ، فعلى الأول يختص بها الاسم ، وعلى الثاني يصدق الاسم على الطرفين لمجاورتها.
وفي المسالك بعد أن ذكر ما عرفت قال : « ومع ذلك ففي اعتبار التحريم بمثل هذا إشكال ، من وجود العلاقة فيهما كما اعتبرت في الثالثة إجماعا ، ومن أن تعليق الحكم على المعنى المجازي على خلاف الأصل لا يصار إليه في موضع الاشتباه ، وهذا هو الأقوى ، فيجب الاقتصار في التحريم المؤبد على موضع اليقين ، وهو وقوع التسع على الوجه الأول ، أو إكمال التسع للعدة حقيقة مع التفرق ، ولا تغتفر الثالثة كما اغتفرت في الأولى لكونها على خلاف الأصل مما ذكرناه ، فيقتصر بها على موردها وهو وقوعها بعد عدتين ، وعلى هذا إن وقع في كل ثلاث واحدة عدية احتسبت خاصة ،