طلق لم يكن له الاختيار ، وإن اختار لم يصح ، والإسلام مشترك بين الجميع ، نعم إن اختار المطلقات صح طلاقهن ، فهو طلاق مراعي بالإسلام والاختيار جميعا ، وإن زدن على النصاب وطلق الكل كشف الإسلام عن صحته على النصاب وتتعين بالاختيار أو القرعة ، وأما الظهار والإيلاء فإن اختار من أوقع عليها ذلك صح وترتب عليه أحكامه وإلا فلا ، وأما القذف فان اختار المقذوفة فعليه التعزير ، لأنه قذفها كافرة ويسقط باللعان أو البينة ، وإن لم يخترها أسقطه بالبينة خاصة.
ثم على فرض كون الطلاق اختيارا فهل ينزل الكناية عنه منزلته؟ إشكال أقربه عند الفاضل العدم ، لأنها لا تفيد الطلاق ، فلا تفيد الاختيار وإن قصد بما تلفظ به الطلاق ، لكن فيه أن الاختيار لا ينحصر في لفظ ، بل العبرة فيه بما في النفس ، فمع فرض أنا علمنا قصده الطلاق بذلك يكون اختيارا وإن لم يقع طلاق ، لما عرفت من دلالة قصد معنى الطلاق عليه عندهم ، ولذا يقع به عندهم وإن كان فاسدا ، بل قد يقال بكونه اختيارا لو أوقع طلاقا مشروطا بالإسلام ، كما لو قال : « كلما أسلمت منكن واحدة فهي طالق » بناء على تأثير الاختيار لو وقع حال الكفر ، ولكن يراعى بالإسلام في العدة ، ولو قال : « إن دخلت الدار ـ مثلا ـ فقد اخترتك للنكاح » مثلا لم يقع ، لاشتراط التنجيز فيه كغيره من أسباب المعاملات ، فان الدليل فيها جميعا متحد ، وليس ذا من قبيل تعليق الطلاق ، كما لو قال : « أنت طالق إن جاء زيد ، أو إن طلعت الشمس ، أو إن كانت الشمس طالعة » فإنه يمكن أن يكون اختيارا ، لأنه ليس تعليقا له ، بل للطلاق الذي قد عرفت دلالة قصده عندهم على الاختيار وإن لم يقع الطلاق بذلك ، هذا كله في الاختيار بالقول صريحا أو كناية.
( وإما بالفعل فـ ) لا خلاف أجده عندهم فيما دل عليه صريحا ، لأولوية اندراجه في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) : « أمسك أربعا وفارق سائرهن » من القول ، بل ظاهر المصنف
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ١٨٢.