( القسم الثاني )
من قسمي استيفاء العدد ( إذا استكملت الحرة ثلاث طلقات ) لم ينكحها بينها زوج آخر ( حرمت على المطلق حتى تنكح ) دواما ( زوجا غيره ) وتذوق عسيلته ويذوق عسيلتها بلا خلاف أجده في شيء من ذلك ، بل الإجماع بقسميه عليه ، مضافا الى الكتاب (١) والسنة (٢) قال الله تعالى ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ ) ـ ثم قال : ـ ( فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ، فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا ) » الآية فإنها صريحة في حرمة المطلقة على زوجها بالطلاق ، وأن حلها موقوف على أن تنكح زوجا غيره ، وأما أن الطلاق المحرم هو الثالث فمستفاد منها بمعونة تعقيبها لقوله تعالى : ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ ) فإنه يقتضي كون المعنى إن طلقها بعد المرتين أى التطليقتين الأولتين ، والطلاق الواقع بعدهما ليس إلا الثالث ، إذ غيره لا يطلق عليه أنه بعد المرتين عرفا ، بل بعد الثلاث فما زاد ، ولأن التحريم بالثالث يقتضي انتفاءه في غيره ، إلا إذا انتهى الدور ، فيحرم لكونه ثالثا أيضا ، فلا يكون التحريم إلا به.
ثم إن الظاهر إرادة الرجعي من الطلاق في قوله تعالى ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ ) بمعنى إن الطلاق الرجعي الذي يجوز للزوج الرجوع فيه مرتان ، أي تطليقتان ، فالثالث بائن لا رجعي ، ومعنى قوله تعالى ( فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ ) إن الزوج بعد التطليقتين الأولتين مخير بين إمساك المرأة بالرجوع وحسن المعاشرة على الوجه المعروف شرعا وعرفا وتسريحها بالإحسان ، بأن يطلقها التطليقة الثالثة
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ٢٢٩ و ٢٣٠.
(٢) الوسائل الباب ـ ٣ و ٤ ـ من أبواب أقسام الطلاق من كتاب الطلاق.