وقيل : إنها مطلقا لازمة من طرف المولى جائزة من طرف العبد مطلقا ، لأن الحظ في الكتابة له دون السيد ، فله إسقاط حقه دونه ، ولأن الكتابة يتضمن تعليق العتق بصفة في العبد ، والتعليق يلزم من جهة المعلق دون العبد الذي لا يلزمه الإتيان بالصفة.
إلا أنه لم نتحقق القول المزبور وإن حكي عن الخلاف إلا أن المحكي عنه الاستدلال على ذلك بإجماع الفرقة وأخبارهم على أن المكاتب متى عجز كان لمولاه رده في الرق إذا كانت الكتابة مشروطة ، وهو كالصريح في اختصاص الحكم بها دون المطلقة التي قد سمعت دعوى الإجماع على لزومها من الفاضل.
وعلى كل حال لا ريب في ضعفه ، وكون الحظ له فيها لا يقتضي عدم وجوب وفاء الدين الذي هو حق المولى أيضا ولا تعليق فيها ، بل مقتضاها أداء المال في نجومه ، فيجب عليه الوفاء به للاية (١) كما هو واضح.
وقيل والقائل الشيخ في المحكي من مبسوطة إن كانت مشروطة فهي جائزة من جهة العبد ، لأن له أن يعجز نفسه قال : « الذي يقتضيه مذهبنا أن الكتابة إن كانت مطلقة فهي لازمة من الطرفين ، وليس لأحدهما فسخ ، وإن كانت مقيدة فهي لازمة من جهة السيد وجائزة من جهة العبد ، فان عجز لم يجبر على الاكتساب » ووافقه عليه ابن إدريس على ما حكي عنه ، وكان وجهه ما سمعته من الخلاف من جواز رده في الرق مع عجزه ، فدل على أن له تعجيز نفسه ، وإلا لوجب التكسب ولم يجز رده.
ولا يخفى ضعفه ، فان جواز رده في الرق مع عجزه لا يدل على جواز تعجيز نفسه اختيارا ، وإنما يدل على جواز الفسخ مع العجز عن أداء ما عليه. وإلى ذلك كله أشار المصنف بقوله والأول أشبه بأصول المذهب وقواعده.
ولا نسلم أن للعبد أن يعجز نفسه ، بل يجب عليه السعي ، ولو امتنع يجبر ، وقال الشيخ : لا يجبر ، وفيه إشكال من حيث اقتضاء عقد الكتابة وجوب
__________________
(١) سورة المائدة : ٥ ـ الآية ١.